أعطيناهم كل شيء... لكن "إسرائيل" لم تنسحب ــ د. نسيب حطيط

الأربعاء 17 كانون الأول , 2025 09:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
منذ اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، والذي ألزم المقاومة و"إسرائيل" بوقفه، مع حفظ حق الدفاع عن النفس لكلا الطرفين، التزمت المقاومة ولم تستخدم حقها حتى الآن، وفي المقابل لم تلتزم "إسرائيل" بوقف إطلاق النار، ولا تزال تمارس العدوان لتحقيق الأهداف التي رسمتها منذ اجتياح 1978، وحاولت ترسيخها عام 1982، وفشلت في تحقيق بعضها عام 2006. ورغم الضربات القاسية التي تلقتها المقاومة، فقد صمدت 66 يوماً، وتمكنت من منع "إسرائيل" من الوصول إلى نهر الليطاني، رغم مشاركة 50,000 جندي "إسرائيلي" في القتال.
نجحت أمريكا و"إسرائيل" خلال العام الماضي في تحقيق مكاسب سياسية وأمنية تفوق ما كانتا تحلمان به، مجاناً ودون أي ثمن على المستويين الداخلي اللبناني أو فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية والتفاوض من أجل السلام والتطبيع ويحاول المسؤولون جميعاً نكران ذلك ورفض الاعتراف به، ويستخدمون مصطلحات ضبابية للتغطية على التفاوض المباشر، والتنسيق الأمني، وحصار المقاومة، وصولاً إلى استعراض الدولة لانتصارها على المقاومين، وتدمير منشآتهم وأنفاقهم وأسلحتهم، وتنظيم جولة سياحية للسفراء والإعلاميين للإعلان عن "تطهير" جنوب الليطاني من المقاومة بدلاً من تطهيره من الاحتلال.
ماذا ربحت أمريكا و"إسرائيل" بعد وقف إطلاق النار؟
-  فرضت أمريكا انتخاب رئيس الجمهورية والحكومة والوزراء، مما اضطر الجميع، حتى الثنائية، لانتخابهم تحت شعار "إن لم يكن ما تريد فأرِد ما يكون"، وقد ساهم ذلك في إخراج نتيجة "ديمقراطية مزورة وخادعة" لتنصيب المنظومة السياسية المكلفة بالتوقيع على التنازلات والاتفاقيات المطلوبة بشأن الغاز والحدود والمناطق الاقتصادية مع "إسرائيل" وقبرص وسوريا.
- دمرت "إسرائيل" القرى الحدودية بعد وقف إطلاق النار، وألزمت الجيش اللبناني بتدمير وتفكيك البنية التحتية العسكرية للمقاومة وأسلحتها ومخازنها بناءً على طلبها.
-  سُحبت الشرعية القانونية "للسلاح المقاوم" من لبنان، وأصدرت الحكومة قراراً بنزعه بناءً على أمر أمريكي، وحددت رأس السنة الحالية موعداً نهائياً لذلك.
- أعلن رئيسا الجمهورية والحكومة استعداد لبنان الرسمي للسلام مع "إسرائيل".
- خضع لبنان للأمر الأمريكي بوجوب "التفاوض المباشر"، وعيّن سفيراً ضمن آلية التفاوض، مع تحضيرات لتحويل "الموفد" إلى "وفد" رسمي مدني، بهدف نقل التفاوض من الصفة العسكرية إلى الصفة المدنية "المستدامة".
- فرضت أمريكا و"إسرائيل" منظومة جديدة من العمل الأمني والعسكري ضد المقاومة، تحت مسمى "التحقق والتفتيش" وبموجبها، يقوم الجيش اللبناني بالمداهمة والتحقق والتفتيش لصالح العدو، وسط تسريبات إعلامية تفيد بأن العدو يريد "بثاً حياً" عبر الفيديو أثناء تفتيش الجيش للمنازل والمساجد أو أي مكان تطلبه "إسرائيل" للتفتيش، دون أن تتعهد "إسرائيل" بعدم قصفه، وقد تتطور هذه الطلبات "الإسرائيلية" لتشمل اعتقال أشخاص بحجة تهديد الأمن "الإسرائيلي"، أو طلب تفتيش أماكن رمزية ودينية للشيعة، لزيادة الإذلال والاستفزاز للمجتمع المقاوم.
- استطاعت أمريكا و"إسرائيل" منع إعادة الإعمار أو وصول المساعدات للمتضررين والمهجرين، ولا يزال المهجّرون خارج قراهم للعام الثالث، دون وعود بالعودة القريبة، بالتزامن مع العمل على إنشاء "منطقة ترامب الاقتصادية".
- بدأت التحضيرات لنزع الشرعية القانونية عن القرض الحسن وإغلاقه، والتحذير من محاصرة المؤسسات الصحية والتربوية التابعة للمقاومة.
- فرضت أمريكا منع الطيران المدني الإيراني، وتتجه لطرد السفير الإيراني وإغلاق السفارة.
لم يبقَ شيء نعطيه لأمريكا و"إسرائيل"، ولم يعطونا أي شيء، ولن يمنحونا أي حق لنا، بل ستزداد أوامرهم والتهويل والتهديد بالحرب التي لم تتوقف.
إذا كان الرد على "إسرائيل" متعذّراً في الوقت الحالي، لظروف ميدانية فرضتها الضربات القاسية ضد المقاومة، فعلينا أن نلفت الانتباه إلى أن أي اتفاق يحتاج إلى طرفين للتوقيع عليه، ما يفرض علينا المبادرة "لإسقاط الطرف اللبناني" لمنعه من التوقيع على بيع ورهن واحتلال لبنان قبل فوات الأوان.
إن التأخير في الرد على أمريكا و"إسرائيل" على الساحة الداخلية سيسمح للمسؤولين اللبنانيين بالتوقيع والتنازل عن كل ما تطلبه أمريكا و"إسرائيل"، وبذلك سيتحوّل الاحتلال والعدوان إلى اتفاقيات دولية تحميها القوانين والأمم المتحدة، ولن يكون لأي مقاومة أو معارضة شرعية ضدها.
فليبادر الوطنيون اللبنانيون لتجميع شتاتهم وحشد ما تبقى لهم من قوة لإسقاط المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي" في الداخل، والاستفادة من تجربة شباط 1984، وذلك لحفظ ما تبقى من سيادة وثروات وأمن، فالأمر لا يتعلق بالشيعة وحدهم، فالغاز والنفط والسيادة ملك لكل اللبنانيين، وبيعها والتنازل عنها لا يضر بالشيعة والمقاومة وحدهم...
لبنان واللبنانيون في خطر... وليس الشيعة وحدهم... أيها الأغبياء والدمى والمتآمرون.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل