السلطة الرسمية في لبنان تَترك الجنوب للاحتلال.. وتُبعد المقاومين _ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 16 كانون الأول , 2025 09:15 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تستمر السلطة السياسية، التي نُصِّبت بأمر أمريكي، بالتخلي عن واجباتها لتحرير أرضها وتأمين أمن شعبها، وتصر على استفزاز أهل المقاومة والمقاومين، عبر تنظيم حملات إعلامية للصحافة والسياسيين والدبلوماسيين والسفراء لعرض "إنجازاتها" المزعومة في تدمير أسلحة المقاومة ومنشآتها العسكرية، وذلك لإرضاء أمريكا و"إسرائيل" وبعض الدول العربية حلفاء "إسرائيل" في لبنان.
 تتفرّغ السلطة السياسية لتنفيذ المشروع الأمريكي بتفاصيله، وأكثر، بحجّة أن تحرير الأرض ومنع العدوان لا يتم إلا بالجهود الدبلوماسية، بعدما اتهمت المقاومة بالعجز عن الرد، فقرّرت الحكومة نزع سلاح المقاومة واستعدادها للسلام مع "إسرائيل" ثم "التفاوض المباشر"، دون ان تعطيها "إسرائيل" شيئا في المقابل.
تحاول السلطة السياسية تبييض صورتها والحصول على شهادة حسن سلوك من أمريكا و"إسرائيل" ومن الدبلوماسيين والسفراء المعاديين للمقاومة، مدعيّةً أنها أنجزت مهمتها جنوب الليطاني. ونسأل: هل نظّمت هذه السلطة جولة للسفراء والدبلوماسيين والإعلاميين على القرى والأحياء التي دمّرها الاحتلال في بيروت والجنوب والضاحية والبقاع؟ 
هل نظمت جولات على الأراضي التي تحتلها "إسرائيل" بشهادة اليونيفيل؟
هل اعترضت على مرافقة المسيّرات "الإسرائيلية" اثناء جولاتها؟
هل نظمت لقاء مع الضحايا المدنيين لمجزرة البيجر "الإسرائيلية"، كجريمة حرب؟ 
إن أبسط واجبات هذه السلطة، التي تتباهى وتتفاخر بتدمير أسلحة المقاومة، هو مواجهة العدو وإعلان عدم التزامه ووقف التعاون مع لجنة "الميكانيزم" حتى تفرض على العدو ما تفرضه على لبنان؟
تخوض السلطة السياسية و"جبهة مساندة إسرائيل في لبنان" حرب تضليل وخداع ضد المقاومة، لتحميلها مسؤولية ما حدث مدّعين أن المقاومة هي السبب وأن سلاحها عجز عن ردع "إسرائيل" أو حماية لبنان أو مساندة غزة، ويطالب حلفاء "إسرائيل" في البرلمان والحكومة بعدم دفع تعويضات عن أضرار الحرب "الإسرائيلية" للمتضرّرين من الحرب، بحجة أنهم غير مسؤولين عما فعلته المقاومة، ومن الضروري توضيح بعض النقاط التي يقصّر فيها ممثلو المقاومة، مع الأسف، في مجلس النواب والحكومة والإعلام، عن شرحها، مما يسهل على صهاينة لبنان الاستمرار في أكاذيبهم.
ونسأل:
- هل كان اللبنانيون مسؤولين عن الحرب الأهلية التي أشعلتها الكتائب والأحزاب اليمينية، ولا يزال أهل الجنوب وجميع اللبنانيين يدفعون تعويضات المهجرين منذ ثلاثين عاماً، ومع ذلك لم نعترض ودفعنا من جيوبنا؟
-  هل كان الجنوبيون مسؤولين عن اتفاق القاهرة الذي وقّعه لبنان حين كان يحكمه المسيحيون، وسمحوا للفلسطينيين بالعمل المسلح (فتح لاند)، وهو ما اعتبره حلفاء "إسرائيل" السبب في الاجتياح عام 1978 والاجتياح عام 1982؟
- هل كان الشيعة مسؤولين عن الاعتداءات "الإسرائيلية" منذ عام 1948، أم أن "إسرائيل" هي المسؤولة؟
-  هل كان الشيعة مسؤولين عن حماية أنفسهم، أم أن هذه كانت مسؤولية الدولة التي لم تعترف بهم ولم تحمهم، وعندما امتلكوا شكلاً من أشكال القوة جاءت الدولة لتفجير سلاحهم ومنشآتهم الدفاعية؟
يجب أن تكون الدولة راعية ومدافعة عن مواطنيها، لا دولة قمع وعدوان وحصار لمواطنيها استجابة للطلب "الإسرائيلي"، كما تفعل الآن، حتى وصل بها الأمر إلى العمل لصالح الاحتلال "كشرطة وفرقة لوجستية في "بني حيان"، وإجبار الجيش اللبناني على أن يكون حارساً لحماية "إسرائيل".
إن استمرار السلطة السياسية وبعض الأحزاب والشخصيات اللبنانية في استفزاز المقاومة وأهلها، لدفعهم إلى الرد، تحقيقاً للطلب "الإسرائيلي" بإشعال الحرب الأهلية الثانية، سيؤدي إلى حرق لبنان نتيجة للغباء والعمالة، فالمقاومة وأهلها استطاعوا تجميع نقاط ربح خلال العام الماضي؛ بصبرهم وكظم غيظهم، رغم كل التعديات والتنمّر والتحرش السياسي والتضحيات الجسيمة.
إن الصبر الشجاع سلاح فعّال لكسب الوقت، وكشف عورات العملاء، سواء كانوا رسميين أو حزبيين أو طائفيين، وتجميع الأدلّة والمبرّرات، لمعاقبتهم ومحاكمتهم وفق قوانين الخيانة والعمالة في محاكم شعبية متحرّرة من الإملاءات الأمريكية.
من المفارقات أن تتحول حكومتك وأجهزتها ضدك لتأمين مصالح عدوك، بينما أنت تلتزم الصبر لعلّ البعض يستيقظ... وإن رهان السلطة وحلفاء إسرائيل على تراجع المقاومة رهان خاسر، وآخر العلاج هو الكي والصفع... طالما أن التسامح والعفو لم يجْدِ نفعاً!
نتمنى على المقاومة تنظيم جولات إعلامية للطلاب والأهالي على المنشآت والأنفاق، لتعريفهم عما كان يفعله المقاومون من أجل حمايتهم وكيف حفروا وتعبوا ولحفظ الذاكرة وشحنها بالعزة والكرامة ولتتعلم الأجيال القادمة ابجدية المقاومة.
نناشد الإخوة العسكريين ألاّ يُلطِّخوا شرفهم العسكري بخدمة الاحتلال، حتى وإن كان القرار رسميًا...
اخي العسكري: لا تصادر سلاحاّ يحميك... من اجل عدوٍ يقتلك... ولو كلّفك خسارة راتبك ووظيفتك.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل