خاص الثبات
لم يعد ما يشهده العالم من حروبٍ وأزماتٍ دموية مجرّد صدفة تاريخية أو نتيجة خلافات محلية معزولة، بل تحوّل إلى مشهد عالمي دائم، يكاد لا تخلو منه قارة أو دولة. نزاعات، انقلابات، حروب أهلية، احتلال، إبادة، تهجير، وانهيارات اقتصادية، كلها تتكاثر كالنار في الهشيم، والفاعل واحد وإن تعددت الواجهات: الهيمنة الأميركية التي لا ترى في العالم سوى ساحات نفوذ وأسواق سلاح وموارد تُنهب.
من أوروبا الشرقية إلى الشرق الأوسط، ومن أفريقيا إلى آسيا، تتوالى مشاهد الدم. الحرب الروسية – الأوكرانية، المجازر المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، العدوان الصهيوني المدعوم أميركياً على لبنان، التوترات الآسيوية من الهند وباكستان إلى تايوان، الحروب المنسية في السودان وليبيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو، تدمير سوريا باسم “مكافحة الإرهاب”، مآسي أفغانستان وميانمار، الحصار والتهديد لفنزويلا، والعدوان المستمر على اليمن… كلها حلقات في سلسلة واحدة، عنوانها زعزعة الاستقرار خدمةً لمصالح واشنطن.
صحيح أن بعض هذه الصراعات تعود أسبابها إلى هشاشة داخلية أو صراع على السلطة والموارد أو التخلف والفقر، إلا أن العامل الأخطر والأكثر تأثيراً يبقى التدخل الخارجي. فالولايات المتحدة، بسياساتها العدوانية، لا تكتفي بإشعال الحرائق، بل تتقن إدارتها: تموّل هذا الطرف، تسلّح ذاك، تؤجّج الانقسام، ثم تعود لتطرح نفسها وسيطاً أو “راعياً للسلام”، فارضةً تسويات تخدم نفوذها لا شعوب المنطقة.
إن جوهر الأزمة العالمية اليوم يكمن في انهيار النظام الدولي وعجز مؤسساته، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن. هذا المجلس، الذي يُفترض به حفظ السلم والأمن الدوليين، تحوّل إلى رهينة بيد الدول الخمس دائمة العضوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تستخدم “الفيتو” كسلاح تعطيل، أو تتجاوز المجلس بالكامل عندما لا يخدم قراراتها. احتلال أفغانستان عام 2001، غزو العراق عام 2003، والدعم غير المشروط للكيان الصهيوني، كلها شواهد فاضحة على استهتار واشنطن بالقانون الدولي وشرعية المؤسسات الأممية.
لقد أصبح العالم أشبه بملعب مفتوح، تتلاعب به أميركا كما تشاء، من دون حسيب أو رقيب. تفرض الحصار هنا، وتشعل حرباً هناك، وتهدد دولة، وتسقط نظاماً، وتُعيد رسم الخرائط وفق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية. كل ذلك يتم تحت شعارات جوفاء مثل “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان”، التي لا تُستدعى إلا حين تخدم المشروع الأميركي.
إن استمرار الوضع القائم يعني مزيداً من الدم والخراب، أما كسر هذه الهيمنة فلا يكون إلا بتكاتف الدول الساعية للاستقلال الحقيقي، وببناء نظام عالمي أكثر عدلاً، يضع حداً لعقود من الاستكبار الأميركي الذي لم يجلب للعالم سوى الفوضى وعدم الاستقرار.
هكذا تعاطى الحكم السوري السابق مع قضية مزارع شبعا... فهل يثبت "الحالي" لبنانيتها؟ وكيف سيكون الرد اللبناني؟ _ حسان الحسن
عمليتا "بيت جن" و"تدمر" بداية التراجع الأمريكي - "الإسرائيلي" _ د. نسيب حطيط
من المسؤول عن تهميش "المقاومة القانونية" ضد "إسرائيل" والعملاء؟ ــ د. نسيب حطيط