أقلام الثبات
همدت التهديدات "الإسرائيلية" عالية السّقف بشنّ حرب جديدة على لبنان بشكل ملحوظ، لكنّ الخشية تبقى من عملية عسكرية مباغتة من دون تهديدات مسبقة، او "تطمينات" باستبعاد حرب "اسرائيلية" كما فعل المبعوث الاميركي الى لبنان حينها آموس هوكشتاين العام الماضي، لتكون المفاجاة حربا واسعة النطاق على البلد انخرطت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية اخرى من خلف السّتار، وسط غموض يلفّ مآل المرحلة الخطيرة التي يمرّ بها لبنان، خاصة مع "اندفاعة" السلطة اللبنانية نحو المفاوضات المباشرة مع "اسرائيل"، بإيفاد السفير اللبناني السابق سيمون كرم-المعروف بمواقفه المناهضة للمقاومة، الى لجنة الميكانيزم في الناقورة والتي ردّت عليها "اسرائيل" بُعيد ساعات فقط ب"مكافاة" السلطة عبر غارات جويّة مكثّفة طالت بلدات جنوبية عدّة..
اما وانّ المهلة الاميركية للسلطة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله في نهاية العام شارفت على الإنتهاء، فإنّ السؤال البديهي" ماذا بعد 31 من الجاري والسلاح لم ولن يُنزَع؟"، فهل احتمال الضربة "الاسرائيلية" على لبنان موضوع فعليّا على طاولة تل ابيب؟ خصوصا انّ المهلة الاميركية للبنان ستُسبَق بزيارة بنيامين نتنياهو الى واشنطن في 28 من الجاري للقاء الرئيس ترامب، وحيث سيكون لبنان حكما من بين ملفّات المنطقة الشائكة التي ستُبحَث بين الرّجلَين، والتي ستفضي حتما الى قرار إطلاق يد نتنياهو صوب عمل عسكري تصعيديّ في لبنان، من عدمه.
وفي حين ذكرت صحيفة "معاريف" العبريّة، " انّ توقّعات اسرائيل تشير الى إمكان تحرّك الجيش الإسرائيلي ضدّ لبنان بعد انقضاء اعياد الميلاد ورأس السنة"، لفتت صحيفة "آل مونيتور" الاميركية-نقلا عن مصادر متابعة، الى "انّ واشنطن تسعى الى احتواء النشاط العسكري"الاسرائيلي" في جبهتَين بآن واحد، هما غزّة وسورية". وقالت الصحيفة "إنّ ترامب يطالب نتنياهو بتخفيف اندفاعته تجاه "حماس" والحكومة الانتقالية في دمشق"..لكن، ماذا عن لبنان؟
بحسب الصحيفة، فإنه مقابل تنفيذ نتنياهو لطلب ترامب تهدئة جبهتَي غزة وسورية، فإنه قد يُسمّح لنتنياهو ب"التنفيس عن غضبه" في لبنان. فمصلحة الأخير السياسية هي ابقاء بعض الجبهات في المنطقة ساخنة. وعليه-وفق الصحيفة، سيمنح ترامب اسرائيل حريّة التصرّف في لبنان، بما في ذلك موافقته على جولة جديدة من الاعمال القتالية التي تنتهي بسحق حزب الله!
لكن، هل سيُسمَح بالإستفراد بالحزب هذه المرّة؟ الجواب "لا" كبيرة برزت واضحة على ألسنة مسؤولين وقادة عسكريين ايرانيين، وفي قيادة حركة "انصار الله" اليمنيّة، حيث اعلن زعيمها السيّد عبد الملك الحوثي على الملأ، انّ الحركة ستقف الى جانب حزب الله في اي حرب "اسرائيلية" جديدة على لبنان..
الجميع يتجهّز للمنازلة القادمة، بدءا من ايران التي تتوقّع هجوما "اسرائيليا" مباغتا عليها في ايّ لحظة-والتي هدّدت بأنّ المعركة ستكون هذه المرّة القاضية على "اسرائيل"، مرورا بحزب الله في لبنان- الذي يتعرّض لضغوط خارجية وداخلية غير مسبوقة وتهديدات بإقصائه نهائيا عسكريا وسياسيا، يتحضّر بدوره لمعركة وجوديّة سيكون قتاله فيها "كربلائيا" كما اعلن امينه العام، وصولا الى الجبهة الأخطر على "اسرائيل"، الجبهة اليمنيّة -وفق توصيف نتنياهو، وحيث يبدو انّ حراكا "اسرائيليا" خطيرا يجري دون ضوضاء لسحق حركة "انصار الله" بمؤازرة وتغطية اميركية-بريطانية ودعم دول خليجية" من خلف السّتار"-بحسب تقاطع تسريبات غربية مؤخرا.
الا انّ الحركة التي استعصى ليّ ذراعها على الولايات المتحدة نفسها، وأجبرت رئيسها الى المسارعة بطلب وقف اطلاق النار عندما اعلن الاخير الحرب على اليمن، ترصد ما يتمّ حبكه على الضفّة المعادية. وتدرك هي ايضا انها ستكون بمواجهة معركة "وجودية".
تقارير عربية وغربية حذّرت من انّ اي حرب "اسرائيلية" جديدة على لبنان، لن تبقى محصورة هذه المرّة ضمن حدوده، بل سينخرط فيها حلفاء الحزب في المنطقة وستُفجّر حربا اقليمية لا مصلحة للرئيس ترامب بتحمّل نتائجها فيما لو اعطى الضوء الأخضر لبنيامين نتنياهو بمغامرة عسكرية مجهولة النتائج في لبنان، على بُعد شهور من انطلاق انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، التي تُمثّل استفتاء على ادائه وحزبه خلال النصف الاول من ولايته.
وعليه، يستبعد مراقبون دوليّون ومحلّلون سياسيون ان تبادر "اسرائيل" الى شنّ حرب جديدة على ايران او لبنان في التوقيت القريب. فالحرب الكبرى قادمة لا محالة والسؤال ليس اذا كانت هذه الحرب ستقع.. بل متى؟ اما اذا غامر نتنياهو وأطلق شرارتها قريبا واندفع صوب ايران او الخاصرة "الرّخوة" لبنان بعمليّة عسكرية واسعة النطاق للهروب من ازماته الداخلية، متخطّيا "لاءات" ترامب- وهذا مُستبعَد.. فلربما عليه ان يتوقف مليّا امام كمّ من التقارير الغربية التي تنصح تل ابيب ب" تشفير" وفكّ لغز الغموض التام الذي يلفّ منظومة حزب الله وترسانته العسكرية، و"اختفاء"عشرات الآلاف من مقاتليه، وسط معطيات تدلّل على انخراط اعداد كبيرة منهم في مجموعات "استشهادية" على غرار انطلاقته في حقبة الثمانينات.
"الحزب لا يزال خطيرا".. بهذا العنوان حذّر موقع "ذا ناشونال انترست" الاميركي "اسرائيل"، من "انّ حزب الله استعاد في غضون شهور براعته القتالية، والآن ليس الوقت المناسب لفتح جبهة مع الحزب الذي اصبح مرتاحا وجاهزا لحرب حقيقية في شمال اسرائيل". وأضاف الموقع " وفقا لتقارير متعددة يُقدّر انّ ترسانة الحزب تضمّ حاليا ما بين 120 الفا و200 الف صاروخ، ما يعني أنّ مقاتليه سيستطيعون الحفاظ على قتال عالي الكثافة لمدّة خمسة أشهر على الأقلّ"..
وفيما تشمل تقارير غربيّة عدّة ايران ضمن التحذيرات الجدّية من جهوزيّة وتحضيرات على قدم وساق منذ انتهاء جولة ال 12 يوما للمواجهة القادمة مع "اسرائيل" ومن خلفها الولايات المتحدة وأجهزة استخبارات دول غربية داعمة لها.. الا انّ ابعد وأخطر من ذلك ما جهّزه "الحوثيّون" اليمنيّون للحرب الكبرى..
"لن يقتصر الامر في اي حرب واسعة على الصواريخ الباليستيّة والمسيّرات الهجوميّة" التي دكّ بها الحوثيّون عمق اسرائيل خلال فترة اسنادهم لغزة"- وفق ما ذكرت مواقع اخبارية عبريّة في الشهور السالفة، والتي تُوّجت بتقرير افردته صحيفة "يديعوت احرونوت" على صفحاتها في اواخر شهر ايلول الماضي، حذّرت فيه من "7 اكتوبر يمني" على اسرائيل-وفق توصيفها. حيث ذكرت "انّ الحوثيّين يدرّبون عشرات آلاف المقاتلين لتنفيذ عمليّة اجتياح برّي جماعي لإسرائيل، من دولتَين عربيّتَين مجاورتَين"!.. المحلّل "الإسرائيلي" لينور بن شاؤول، اوضح في الصحيفة نفسها، "انّ الحوثيّين يجهّزون على ما يبدو مفاجأة كبرى ونتنياهو أُبلغ برصد تطوّر ميداني خطير يحصل في صنعاء، والذي دعا الى إحاطة الحدث بجدّية عالية طالما أنّ الجبهة اليمنيّة خطرة جدا على اسرائيل".
وعليه، تقع المنطقة على مفترق طرق ربطا بجموح نتنياهو و"مهمّته التوراتيّة" التي اعلن عنها لتغيير وجه الشرق الاوسط. وحيث لن تسلم تركيا ايضا من الخطر "الاسرائيلي" القادم.. والتي بادرت في هذا التوقيت الحسّاس، الى توجيه رسالة ناريّة "لمن يعنيه الأمر" عبر كمين بلدة بيت جنّ السوريّة، ردّا على "مزاحمة" نتنياهو للإمساك بقرار"تسيُّد" المنطقة، واعلانه على الملأ قاصدا انقرة:" نحن وحدنا من يملك حقّ تقرير سورية، فنحن من اسقطنا الأسد".. وحيث بدت الزيارة المفاجئة التي قادت وزير الخارجية التركي حقّان فيدان الى طهران، لافتة جدا في توقيتها.
ثمّة تسريبات المحت الى انّ ملفّ الحزب والحوثيّين كان مدار نقاش جدّي في طهران مع الضّيف التركي حيال كيفيّة مواجهة الخطر "الاسرائيلي" الداهم في كل المنطقة..ما يدلّل بوضوح الى انّ المنطقة على اعتاب تحالفات وتحوّلات كبرى.. قد لا تُستثنى منها القيادة الجديدة في سورية- وفق ما رجّح معهد الما "الاسرائيلي" للدراسات الامنية في 16 تشرين الثاني الماضي!
"حربٌ ستتجاوز حدود لبنان".. مفاجأة "انصار الله" الكبرى! _ ماجدة الحاج
الأربعاء 10 كانون الأول , 2025 08:33 توقيت بيروت
أقلام الثبات
لإحياء وترميم ثقافة المقاومة والعداء "لإسرائيل" ــ د. نسيب حطيط
"الحزب": الماكينة الانتخابية جاهزة في كل لبنان... ومنفتحون على الجميع تحت هذا السقف ــ حسان الحسن
الصراع السعودي - الإماراتي في اليمن.. والأبعاد الأُخرى _ يونس عودة