الصراع السعودي - الإماراتي في اليمن.. والأبعاد الأُخرى _ يونس عودة

الثلاثاء 09 كانون الأول , 2025 02:31 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
شهدت المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة ما يسمى "التحالف العربي" بقيادة السعودية، تحولات دراماتيكية عكست مدى هشاشة التحالف، لاسيما بين المملكة السعودية ودولة الامارات، وتمثل التصعيد بين الطرفين الاكثر انخراطا في الصراع بسيطرة القوى الموالية للإمارات على المحافظات الشرقية ومحافظتي المهرة وحضرموت عسكرياً، وطرد القوى الموالية للسعودية في ضوء انتفاضة قبائل حضرموت, بعد فشل السيطرة على الصراع الدموي في الجنوب. 
غالبية اليمنيين يرون أن تحركات المليشيات المسلحة، ولا سيما القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الامارات, ويدعو الى الانفصال, جزء من صراع النفوذ السعودي - الإماراتي في المحافظات الجنوبية والشرقية، لا سيما محافظة حضرموت التي تمثل مركزًا اقتصاديًا وتجاريًا حيويًا ومهمًا لاختزانها ثروة نفطية هائلة وموقعا استراتيجيا على البحر العربي، ما يجعل السيطرة عليها هدفًا مباشرًا للقوى الإقليمية والدولية الطامعة.

ما حصل حتى الان هو امر تصاعدي حسبما يبدو في المحافظات المحكومة من المتصارعين، وليست أعمال السيطرة المسلحة والممارسات الميدانية الا بهدف خلط الأوراق برعاية أمريكية وبريطانية وصهيونية، وتمويل سعودي وإماراتي؛ في إطار المساعي للسيطرة على اليمن ونهب موارده النفطية والتحكم بموانئه وممراته البحرية الاستراتيجية. 

لقد شهدت حضرموت توترا متصاعدا مع انتشار قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بضم حضرموت تحت إدارته مناديا بانفصال جنوب اليمن عن شماله، مقابل قوات من حلف قبائل حضرموت الرافض لدخول أي قوات من خارجها، إضافة إلى قوات المنطقة العسكرية الثانية التابعة لمجلس القيادة برئاسة رشاد العليمي التابع للسعودية 

وتصاعدت حدة التوتر عقب سيطرة مسلحين قبليين على منشأة نفطية رئيسية في محافظة حضرموت ما عقد الوضع الأمني في واحدة من أهم مناطق الطاقة في البلاد.

واعتبرت حكومة العليمي المقيمة في الرياض تلك الخطوة "تصعيدا للأوضاع" يستهدف المنشآت النفطية في المحافظة, مع محاولة استيعاب تمثلت بالتماهي مع مطلب مجلس القبائل ,عبر اعلان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، المقيم في السعودية" التزام الدولة بتمكين أبناء محافظة حضرموت من إدارة مواردهم وتحقيق تطلعاتهم في التنمية والتمثيل العادل في السلطة والثروة. وهذا أقرب ما عبر عنه زعيم" حلف قبائل حضرموت"، وهذا أقرب الى ما عبر عنه زعيم   ،  عمرو بن حبريش في خطاب لـ"قوات حماية حضرموت" أمام حقول النفط: "كل أحد منكم يثبت في موقعه.. الاقتراب من الشركات النفطية سيؤدي إلى وقوع محرقة.. نحن في أرضنا ولم نغز أحدا"، و"إذا أرادوا وادي حضرموت أو قوات المنطقة العسكرية الأولى فهي أمامهم، لكن إذا اقتربوا من الشركات النفطية سندافع عن أنفسنا" ,  اي بمعنى , بان لا مانع من سيطرة المجلس الانتقالي التابع للإمارات على المنطقة بعيدا عن النفط.

وبالفعل فان قوات "درع الوطن" المدعومة من السعودية والتي تتبع ظاهريا قوات الاحتياط التابع لرئيس الجمهورية رشاد العليمي حسب قرار إنشائها انجزت انسحابًا تدريجيًا من عدد من مواقعها العسكرية في محافظة المهرة شرقي اليمن، في حين تسلمت قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على تلك المواقع. وشمل الانسحاب مواقع استراتيجية في مدينة الغيضة، ومديرية شحن الحدودية، ومحيط مطار الغيضة الدولي، إضافة إلى مواقع عسكرية على الطريق الدولي الرابط بين المهرة وحضرموت، مشيرة إلى أن عملية التسليم تمت دون اشتباكات، واللافت ان مسؤولا في المجلس الانتقالي، قال إن قواته “تسلمت المواقع لتأمينها وحماية المحافظة وفق الترتيبات العسكرية الجديدة”. 

خطورة ما يحدث ليست فقط في السيطرة على الثروات، وانما على النسيج والسلم الاجتماعي في المحافظات الجنوبية, وليست تلك الأحداث الا جزءا من مؤامرة تحاك ضد منذ عشر سنوات، وتأتي في سياق تهيئة المحافظات المحتلة لإشعال حرب مناطقية طويلة المدى بين أبناء الوطن الواحد من جهة، ويهدف الى اضعاف دور اليمن في مساندة الشعب الفلسطيني.

ليست من الصدف بان ما حصل في حضرموت والمهرة بالتوازي مع اقفال مطار عدن , من جهة حيث هبطت فيه طائرات عسكرية سعودية , وايضا بالتوازي مع التصريحات التهديدية المتكررة لقادة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني , خصوصاً الرئيس دونالد ترامب , وبنيامين نتنياهو , واعلان النية الواضحة بالانتقام من اليمن - أنصار الله - لوقوف الشعب اليمني والقوات المسلحة الى جانب الشعب الفلسطيني في حرب الابادة التي يتعرض لها.

لا شك أن حكومةَ نتنياهو ترى أن القضاء على الخطر القادم من اليمن أولوية قصوى؛ لأَنَّه “تهديد وجودي”لاسيما  وأن كيان العدوّ الإسرائيلي لديه إدراك واسع في مستوى وحجم ونوعية هذا التهديد، وليس ما حصل من اقفال البحر الاحمر والبحر العربي الا جزءا مما يدرك .

لذلك أعلنت قبائل مديرية بكيل السواد بمحافظة عمران ، النفير العام والجهوزية الكاملة والعالية لمواجهة العدو الصهيوني والأمريكي وادواتهم في المنطقة، مع الثبات على الموقف المساند والمناصر لغزة ومقاومتها الباسلة وللشعب الفلسطيني، والتأكيد على جاهزيتهم القتالية للتصدي لأي خطوات تصعيدية أو أي عدوان صهيوني أمريكي أومن يتورط معهم من الأنظمة المطبعة والعميلة والخائنة إذا ارتكب حماقة وورط نفسه في العدوان على اليمن ومقدراته.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل