سنة على إسقاط الأسد وسقوط سوريا ــ أمين أبوراشد

الأربعاء 03 كانون الأول , 2025 08:49 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كثيرون من المتابعين اعتبروا منذ البداية أن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد كان سقوطاً لسوريا، وقارنوا بين العراق ما بعد صدام حسين وليبيا ما بعد القذافي وبين سوريا التي سبق للرئيس الراحل حافظ الأسد أن تحسس خطر الجماعات الإرهابية عليها وعلى دول الجوار قبل سواه في بداية الثمانينات وحاربها بمحافظة حماه، لكن الجماعات التي نشأت في عهد نجله بشار هي جحافل من كل التيارات الجهادية التكفيرية من ثمانين دولة حول العالم، تم استقدامها عبر تركيا ضمن موجة الانتحار المجاني في ما تمت تسميته "الربيع العربي".

لكن سوريا بعد عام من "الفتح المُبين"، لا تشبه العراق الذي "تلبنن"، وباتت فيه المحاصصة واضحة بين المكونات؛ السلطة التنفيذية للشيعة، والسلطة التنفيذية للسنة، ورئاسة الجمهورية للأكراد.
ولا سوريا تشبه ليبيا التي انقسمت بين شرقٍ وغرب، والكل يعبث بها من الشرق ومن الغرب، ووضعها السياسي "مكانك راوح"، لأن الأحداث في سوريا مُتسارعة، و"الشغل" على سوريا نجح في تمزيقها بسرعة قياسية، ربما لأن سقوط سوريا يسمح باستباحة الأرض العربية من الفرات إلى النيل.

وسوريا لا تشبه مصر، ولو أن أحمد الشرع يشبه محمد مرسي؛ في حمل فكر "الإسلام السياسي"، مع فارق كبير؛ أن مرسي جاء بانتخابات ديمقراطية، والشرع جاء بأفظع مؤامرة دولية إقليمية على سوريا، وفيما مرسي كان واجهة لحُكم "مكتب الإرشاد" في جماعة "الإخوان المسلمين"، فإن الشرع وجد نفسه في الواجهة بربطة عنق لجماعات مؤمنة بقيام "دولة الخلافة" ووقع بينه وبينها "الطلاق البائن"، وهو غير قادر على دفع المؤخَّر الذي قد يكون حياته.

وفيما مصر بقيت فيها المحكمة الدستورية العليا قائمة وجيشها متماسك، ووجدت في رجل القضاء النزيه عدلي منصور حلاً كرئيس مؤقت لمدة سنة، إلى حين فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي برئاسة الجمهورية، وتجاوزت أزمتها الثورية بفضل قضائها وجيشها، فإن سوريا سقط فيها القضاء ومعه تم القضاء على الجيش وانهارت الدولة والمؤسسات والاقتصاد وتمزَّقت الدولة، ووجد أحمد الشرع نفسه الشاهِد والمُرتكِب الذي شهِد وأشرف وشارك في جريمة نحر سوريا.

ووصول أحمد الشرع إلى الحكم في سوريا دوناً عن سائر المعارضين لحكم الرئيس السابق بشار الأسد يشبه "سباق الشُعلة"، حيث يتسابق العدّاؤون لإيصالها، عبر التسليم والتسلُّم خلال مراحل السباق، بحيث أمضى المعارضون وجماعات الائتلاف والمجلس الوطني ثلاثة عشر عاماً لإسقاط نظام الأسد، إلى أن استلم أحمد الشرع هذه الشعلة في نهاية السباق وأكمل طريقه ودخل دمشق والقصر الجمهوري بدونهم وتركهم خلفه ليواجه مَن هم أمامه.

أمامه كانت الأهداف محددة، حل الجيش السوري وتسريح كبار الموظفين المحسوبين على النظام السابق، وتسليم الدوائر الحكومية لشيوخ هيئة تحرير الشام، ومؤتمر وطني صوري أنتج حكومة اللون الواحد، وانهيار اقتصادي غير مسبوق، ووعود استثمار إعلامية غير قابلة للتحقيق من منطلق "الرأسمال الجبان" الذي لا يحتمل المخاطرة في هكذا عدم استقرار سياسي.

"سنة صفرية" على مستوى الإنجازات الإيجابية يختمها أحمد الشرع في حكم سوريا، مع الكثير من الإنجازات السلبية الجرمية، بل الأكثر إجراماً في التاريخ المعاصر، وأدى المهمة المطلوبة منه بكفاءة: تمزيق سوريا إلى أربعة أقاليم طائفية وعرقية على الأقل، وحدود داخلية تحكمها الأحقاد، وأحمد الشرع آخر صدمات السلفية الجهادية التي ستنهي ذاتها بذاتها، لكن بعد أن سقطت سوريا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل