مقالات مختارة
يتساءل كثيرون عن إمكانية اندلاع حرب قريبة على لبنان في ظل التصعيد العسكري الحاصل أصلاً ومسلسل الاغتيالات المتواصل ضد قيادات ومجاهدي المقاومة الإسلامية في لبنان، والصبر الإستراتيجي الذي يمارسه حزب الله انطلاقاً من اعتبارات عدة تعبر عن مدى الانضباط والحكمة لدى قيادة المقاومة وليس من باب ضعف أو عجز أو عدم قدرة لدى قيادة المقاومة في اتخاذ خيار التصدي والمواجهة بكل عزم وثبات وتصميم بل وقدرة عسكرية على الفعل وحتى المبادرة، مع عجز السلطة الحاكمة في لبنان عن منع الاعتداءات والاغتيالات ووقف نزيف الدم وفرض السيادة الحقيقية التي يجب أن توقف كل هذه الجرائم الإسرائيلية والخراب والتدمير الممنهج، فهل نكون أمام سيناريو تصعيد أو مواجهة أو حرب إسرائيلية جديدة على لبنان، برعاية وضوء أخضر أمريكي؟!
إن استشراف ما قد يحصل في المستقبل القريب أي ربما بعد أيام او شهور معدودة لا يحتاج إلى الكثير من التحليل والتأويل، وإنما يحتاج فقط إلى قراءة موضوعية ومتأنية انطلاقاً من مسار الأحداث والوقائع الراهنة والواضحة، بالتالي ما هي السيناريوهات أو الخيارات المحتملة أمام لبنان؟!
وهنا يمكننا الحديث عن ثلاثة خيارات أمام لبنان، وهي:
- تنفيذ قرار سحب السلاح بالقوة (بما يقود إلى إمكانية التصعيد أو الاشتباك الداخلي)، وهو ما ترفضه قيادة الجيش اللبناني بكل حكمة وثقة وقراءة موضوعية نؤكد الحرص على السلم الأهلي بعكس ما يدفع نحوه الأمريكي والإسرائيلي وبعض الأصوات النشاز في الداخل اللبناني من خصوم حزب الله، والذين يجاهرون حتى بضرورة التفاوض المباشر أو السلام مع "إسرائيل"!!
- خيار الحرب المباشرة (الخيار العسكري): تصعيد الاعتداءات والاغتيالات وتوغل بري إسرائيلي محدود وإنزالات في مناطق مهمة وحساسة لتحقيق تفوق نوعي للعدو على حساب المقاومة والتوهم بأن هذا الخيار سيزعزع صمود المقاومة ويضرب صفوفها ويضعضع ثباتها واستقرارها وبالتالي انهيارها أمام العدو والتسليم بالأمر الواقع.
- تراجع الأمريكي خطوة إلى الوراء وفرض التفاوض غير المباشر بين لبنان و"اسرائيل": وبالتالي فرص التنازلات على كل الأطراف، وبالنسبة للإسرائيلي لا يعبر هذا الخيار إن حصل عن أي تنازلات، فالانسحاب من النقاط اللبنانية المحتلة ووقف الاعتداءات والاغتيالات هو حق للدولة المعتدى عليها بموجب القانون الدولي وحتى انطلاقاً من الاتفاقات الموقعة برعاية أمريكية أو دولية.
كذلك يمكن الحديث عن خيار رابع:
- يتعلق بترحيل الأزمة القائمة إلى ما بعد الانتخابات النيابية اللبنانية للعام 2026 وما ستفرزه من سلطة حاكمة جديدة، علماً أن هذه المحطة تشهد كباشاً سياسياً لبنانياً داخلياً بين الأحزاب كافة وخلاف حتى على قانون الاقتراع الحالي، وفي ظل تحضيرات أمريكية ودولية بل وحتى عربية لمحاولة إقصاء حزب الله عن هذا الاستحقاق الانتخابي أو أقله إضعافه بكل طرق الضغط الممكنة المشروعة وغير المشروعة. ولكن نظراً للاستعجال الإسرائيلي وبالتالي الأمريكي لحسم مسألة سلاح حزب الله وأن الأدوات الضاغطة على الحزب والظروف المواتية للعدو داخلياً وعربياً ودولياً ربما لن تتوفر في المستقبل بنفس السياق وأدوات الضغط كما هي اليوم، فبالتالي هذا الخيار مستبعد إلى حد كبير بالنسبة للأمريكي والإسرائيلي إلا في حال فشل رهانات وأدوات التصعيد الحالي على حزب الله داخلياً وخارجياً، وبقي الأخير صامداً أمام كل الضغوط والتصعيد المتواصل.
إن الصبر الإستراتيجي الذي يمارسه حزب الله والذي يعبر عن حكمة ووعي كبير وحرص على البلد، وانطلاقاً مما أكد عليه الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في خطاباته لا يمكن لكل هذه الاعتداءات والتصعيد العسكري المتواصل من قبل العدو الإسرائيلي أن يستمر إلى ما لا نهاية دون رد وردع، فإما أن يقف الجميع أمام مسؤولياته أو فإن حزب الله لا يمكن له أن يصمت أمام كل هذا القتل اليومي إلى ما لا نهاية، وهنا يمكننا التأكيد على خيار خامس نختم به هذه القراءة للأحداث الجارية، وهو خيار المبادرة نحو الفعل والتصدي بكل قوة وعزم ومقدرة على هذا العدوان الصهيوني والقتل اليومي. وتبقى جميع الخيارات والاحتمالات قائمة وممكنة الحصول في أي وقت وضمن أي مرحلة، فلننتظر ونرى، مع التأكيد أن ثقة البيئة الحاضنة بهذه المقاومة لا يتزعزع مهما اشتدت الصعاب وكثر الخصوم والأعداء.
سامر العريفة
الكيان بين الـ 7 من أكتوبر ولعنة الـ 80
كازاخستان ترتدي قبعة "الإبراهيمية".. ولكم التداعيات
ما بين المحيط البيزانطي لليونان والوطن الأزرق لتركيا.. كيف تتحرك "إسرائيل" لرسم حدودها؟