أقلام الثبات
"وصلت رسالتنا بحقنا في تقرير المصير بالفدرالية واللامركزية السياسية، وإيقاف القتل وإطلاق سراح المعتقلين من آلاف المدنيين والعسكريين".
"لن نقبل بإمارة اسلامية سياسية مركزية تذبحنا على الهوية ، وحتى إن منحتنا فرصة الحياة كأنها فضل وتكرُّم علينا".
بهذه العبارات، توجه الشيخ غزال غزال؛ رئيس المجلس الديني الإسلامي العلوي، والمرجعية العليا للطائفة العلوية في سوريا ببيانه، للمسيرة / الانتفاضة التي سبق له أن دعا إليها أبناء الطائفة العلوية، احتجاجاً على المجازر والانتهاكات التي ارتُكبت بحقهم في حمص، إثر جريمة قتل تعرض لها زوجان من عشيرة بني خالد السنية في جنوب المحافظة، وإقدام الجُناة (المجهولين لغاية الآن) على كتابة شعارات طائفية تحريضية ضد السنَّة، ما دفع بالمئات من أبناء هذه "العشيرة" إلى الهجوم على أحياء العلويين في حمص وارتكاب المجازر والتدمير والتهجير بحقهم.
الشيخ غزال غزال متوارٍ عن الأنظار لدواعٍ أمنية، ويُدير شؤون طائفته بعد مجزرة الساحل "عن بعد"، ربما لأن تجربة معاناة المفتي الشيخ أحمد بدر الدين حسون في الأسر والانتهاكات اللا إنسانية واللا أخلاقية التي تُرتكب بحقه من قِبَل "سلطة" الشرع، ولا تراعي قيمته وتاريخه ومسيرته الوطنية الجامعة للأديان والطوائف، جعلت وضع الشيخ غزال حرجاً، واستحسن المقربون منه إقامته في أماكن غير معلومة، حفاظاً على سلامته.
والعلويون في سوريا دفعوا الأثمان أكثر من سواهم، نتيجة حسبانهم على نظام الرئيس السابق بشار الأسد، رغم أن أركان نظام الأسد المدنيين والعسكريين كانوا في غالبيتهم من الطائفة السنية، وربما يكون خطأ العلويين أنهم أحسنوا الظن بأحمد الشرع، وبقيام دولة عادلة بنظام عدالة انتقالية، وسلَّموا أسلحتهم وأمٍنُوا جانب القوى الأمنية التي شاركت لاحقاً في ارتكاب أشنع الجرائم بحقم في الساحل، تحت ذريعة القضاء على "فلول النظام".
وإذ شكر الشيخ غزال، في بيانه، جميع المكونات السورية التي وقفت إلى جانب العلويين في "اعتصام الكرامة"، خصَّ "الأشقاء الموحِّدين الدروز، أبناء جبل باشان" بشكر خاص، واعتبر أن اعتصام العلويين ليس عابراً ، بل بداية لشرارة لن تنطفئ وانتهاء لزمن ساد فيه الصمت والخنوع.
واعتصام العلويين يوم الثلاثاء الماضي (25 تشرين الثاني 2025)، جاء بدعوة من الشيخ غزال والمجلس الإسلامي العلوي، وشمل اللاذقية وجبلة والقرداحة، ومصياف، وطرطوس، وبانياس وريف حماه (عين الكروم وسهل الغاب)، ولم يخلُ الأمر من اعتداءات على المعتصمين مما أجج نار الحقد الطائفية المتبادلة، خاصة أن المعتدين على العلويين في حمص هم تحديداً عناصر من عشيرة بني خالد السنِّية.
ردة الفعل كانت أقوى لدى السوريين في الخارج، في ما يشبه التضامن ضد الإرهاب التكفيري لحكومة أحمد الشرع، وظهر ما يشبه اللوبي الدرزي - العلوي في بلدان الإغتراب، يطالب باستقلال السويداء والساحل عن سوريا، ورأى البعض أنه من المستحيل العيش بوجود أحمد الشرع أو بدونه مع جماعات تكفيرية ضمن دولة واحدة.
ويرى متابعون لمآلات الوضع السوري، أن أهم ما ورد في بيان الشيخ غزال غزال، أنه صرخة وطنية سورية جامعة، خاصة في قوله: "أوجه ندائي لأبناء الطوائف كافة، من السنَّة والعلوية والموحدين الدروز والكورد والمسيحية، ولكل من ينطق بكلمة تُميت باطلاً وتُحيي حقاً، لنوقف آلة القتل بأصواتنا ووقفتنا ضد كل أشكال الإرهاب الذي يُمارس علينا"، وأن هذا الموقف من شخصية علوية تاريخها محمود في المواقف الوطنية، أعطى جرعة أمل للأقليات وللطائفة السنِّية الأشعرية المعتدلة، بوجوب التوحُّد تحت راية إنسانية واحدة لحماية نفسها وحماية بعضها من موجة التكفير الغريبة عن تاريخ بلاد الشام.
حزب الله.. الصمت الاستراتيجي أو الرد المؤجل - حمزة حسين
سقوط المطبِّعين _ عدنان الساحلي
"المعارضة الشيعية" .. فُخِت الدفّ وتفرّق العشّاق