إلى المدعو سمير جعجع: لا تُحاضر بالعِفّة… لأن تاريخك أسود

الخميس 27 تشرين الثاني , 2025 12:19 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

مرة جديدة يخرج رئيس ميليشيا "القوات اللبنانية" سمير جعجع ليقدّم دروساً في السيادة والأخلاق السياسية، ولكن في الاتجاه الخاطئ تماماً، وبانتقائية باتت مكشوفة لكل اللبنانيين.

بدل التركيز على أزمات لبنان الحقيقية، يقرّر جعجع مهاجمة إيران و قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي، متجاهلاً التدخلات التي تُمسك بقرار فريقه السياسي بشكل مباشر.

لماذا لا يرى جعجع إلا ما يريد أن يراه؟

عندما يتناول قائد الثورة أو مستشاره الوضع اللبناني، يثور غضب جعجع ويُنصّب نفسه حارساً لسيادة لبنان.

لكن أين يكون هذا الغضب عندما يتحدث البابا فرنسيس عن لبنان واقتصاده وصراعه وحقوق أبنائه؟

هل يجرؤ جعجع على القول للبابا: “اهتم بشؤونك”؟ بالطبع لا.

لأن المسألة ليست "سيادة"، بل انتقائية سياسية تُستخدم فقط عندما يكون الهدف إيران.

 ماذا عن واشنطن وتل أبيب؟

يتحدث جعجع عن التدخل الإيراني، متجاهلاً تصرّفات الولايات المتحدة—خصوصاً إدارة ترامب—كوصيّ على لبنان، وفرض سياسات اقتصادية ومالية كارثية شارك فريقه السياسي في تنفيذها.

يتشدق جعجع بالسيادة، فيما حلفاؤه في تل أبيب وواشنطن لا يُخفون تأثيرهم على مساره السياسي، من العقوبات إلى التوجيهات والضغط المستمر والعدوان والقتل.

 وماذا عن السعودية؟

إذا كان جعجع حريصاً على عدم تدخل أي دولة في لبنان، فهل يستطيع توجيه الخطاب نفسه إلى السعودية؟

هل يجرؤ أن يقول لقيادة المملكة: “لا تتدخلوا في شؤون لبنان”؟

الجميع يعرف الجواب.

السيادة عند جعجع تُقال فقط عندما يكون المقصود إيران—ولا تُقال أبداً عندما تأتي الأوامر من الرياض.

إيران ودورها في حماية لبنان

لا يمكن تجاهل حقيقة دعم إيران للمقاومة التي حمت لبنان من الاحتلال الإسرائيلي لان ذلك هو تجاهل للتاريخ نفسه.

إيران ليست من دمّر بنى لبنان التحتية ولا من قصف ودمر واحتل الجنوب ولا من دكّ الضاحية الجنوبية.

وهي ليست من فرض حصاراً اقتصادياً على لبنان.

بل كانت—ولا تزال—طرفاً وفّر السلاح والمال والدعم للمقاومة التي دافعت عن كرامة اللبنانيين في أحلك الظروف.

مسألة السجون والاتهام بغياب العدالة في إيران

يحاول جعجع أن يلمّح إلى "سجون إيران" وكأنها قضية تسمح له بتوجيه الإهانات للسيد القائد.

لكن المقارنة في غير محلها.

قائد الثورة، هو مرجعية دينية وسياسية كبرى في العالم الإسلامي والإقليمي، ولا يمكن مقارنته برئيس حزب محلي.

هل يمكن لأحد أن يخاطب البابا مثلاً بالأسلوب نفسه ويطالبه “بالاهتمام بسجونه”؟

المبدأ نفسه ينطبق هنا: هناك مكانة اعتبارية ينبغي احترامها حتى في أشد الخلافات السياسية.

سجل جعجع وتاريخه في الحرب

وإذا كان الحديث سيصل إلى السجون والعدالة، فالأجدر أن يبدأ جعجع من مرآته أولاً.

تاريخه خلال الحرب موثّق في ملفات قضائية صدرت أحكام بشأنها في لبنان نفسه.

تمت إدانته في قضايا تفجيرات وجرائم قتل سياسية خلال التسعينات قبل صدور العفو عنه عام 2005.

كما تُسجَّل على ميليشيا "القوات" أحداث وأدوار دامية خلال الحرب، لا تزال حاضرة في ذاكرة الكثير من اللبنانيين، خاصة ما تعلّق بالتوترات الطائفية والاعتقالات التي جرت في مناطق نفوذ الميليشيا آنذاك.

وحتى اليوم، لم يُقدّم جعجع مراجعة شجاعة أو اعتذاراً وطنياً عن تلك المرحلة، بل يتصرّف وكأنه خارج التاريخ.

من لا يملك رصيداً في الأخلاق السياسية… لا يحق له الوعظ

من مارس العنف السياسي خلال الحرب، ودخل في صراعات دامية داخلية، ليس في موقع يسمح له بتقديم دروس أخلاقية للشعوب والدول.

ولا هو قادر على تقييم تجارب الآخرين أو إعطاء نصائح في الإنسانية.

جعجع يهاجم إيران لأنها ببساطة ليست ضمن محور حماية مصالحه.

يرفع شعار السيادة حين يريد، ويصمت عنها حيث يجب.

ينتقد تدخل دولة واحدة في لبنان، بينما يقف صامتاً—بل مرحِّباً— أمام تدخلات أخرى تفوقها حجماً وخطورة.

وحتى يحسم أمره ويختار موقفاً واحداً تجاه كل الدول بلا ازدواجية، يبقى خطابه مجرد تنطّح في المكان الغلط.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل