أقلام الثبات
ليس من شك ابدا ان جميع أطراف الصراع في المنطقة , واولهم الكيان الصهيوني , والولايات المتحدة الاميركية كإدارة رأس الحربة في ازمة معقدة, متعددة الجوانب , ما يجعل ايجاد حل للصراع الاشرس , اشبه بالمستحيل, خصوصا ان دولا يفترض انها فاعلة اكان على المستوى الاقليمي , او على المستوى الدولي استقالت من واجباتها , او تواطأت ضد الحقوق الطبيعية والمشروعة , وفي أحسن الاحوال تحولت الى شاهد زور يبرر الجرائم, مع اختناق في لفظ القيم الانسانية .
كل الاجوبة التي تصدر عن قادة الكيان الصهيوني لا تشي الا برفض التفاوض للوصول الى حل ما, بينما اللاهثون خلف "مفاوضات سلام " يهرولون الى مفاوضات مطلوبة منهم اميركيا ,لا عنوان واضح لها , ولا امكانية في تقدير النتائج الممكنة , فقط لان اميركا تريد هذا, وكأن السياسة والطلب الاميركي الضاغط بقسوة ,قدر لا يمكن رده .
بات الجواب "الاسرائيلي" الاكثر وضوحا , هو استمرار الحروب, وهو الوظيفة الحقيقية للكيان منذ إنشائه, وقادة الاحتلال لا يتوانون عن الجزم بذلك , ويعملون بكل ما اوتي لهم من قوة واستقواء, تحضيرا لمعركة فاصلة , تطيل عمر الكيان ما امكن, رغم ما تعصف به وفيه من ازمات داخلية تبدأ من الازمة الاخلاقية العامة والجامحة , والازمات الاجتماعية المتعددة الجوانب والهجرة المعاكسة, والازمات السياسية المتعددة , وحتى الازمة داخل المنظومة العسكرية والامنية الاكثر فاشية على الارض, والتي تميزت بانعدام الاخلاقية العسكرية في ادنى صورها.
في مقابل الجزم "الاسرائيلي" من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى اصغر مسؤول بان الحرب متواصلة, وان لا يراهنن احد الا على الاستسلام الكامل , ورفع الراية المذلة , والقبول بما تحدده العصابة الحاكمة في تل ابيب, لم يظهر اي موقف له صلة بمواجهة التوحش الاميركي – "الاسرائيلي" على اي مستوى رسمي عربي , لا بل اقصى المطلوب عربيا , اذا استثنينا قوى المقاومة، كما طرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ,مجرد "وعد" بضمانات أمريكية لمسار تفاوضي لإقامة دولة فلسطينية، على أن تنتهي في غضون خمس سنوات، كجزء من أي حديث حول التطبيع مع "إسرائيل".
ان الاخطر المساوي للهوان العربي المتدفق في الشرايين ما تحدث عنه الدكتور كوبي باردا، الباحث في التاريخ السياسي الأمريكي والجيو-استراتيجية في معهد حولون للتكنولوجيا (HIT) في "إسرائيل"، وهو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لديه "طموح متعلق بغزوة خيبر".
يرى باردا في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن ترامب "يسعى لصناعة لحظة إقليمية كبرى يعرض فيها نفسه كصانع سلام يعيد أبناء إبراهيم إلى مسار واحد بعد مئات السنين: "فترامب، الساعي لحصد مكاسب انتخابية في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، ولاستعادة وهج جائزة نوبل للسلام التي لم يحصل عليها هذا العام، يقدم نفسه باعتباره الرجل الوحيد القادر على صياغة اتفاق تاريخي يعيد ترتيب الشرق الأوسط".
ويضيف الباحث "الإسرائيلي" أنه "على خلفية هذا الطموح، يستدعي ترامب رمزية تاريخية تعود إلى غزوة خيبر عام 630م، حيث تم انهاء الوجود اليهودي في الجزيرة العربية، ليقدم نفسه اليوم كشخص يغلق الدائرة ويعيد دمج إسرائيل والعالم الإسلامي ضمن إطار إقليمي واحد، ينتهي بلقطة توقيع في البيت الأبيض، حيث يرى ترامب أن الصورة أهم من الاتفاق ذاته".
تلك الصورة المطلوبة, يكتمل مشهدها العام في في الاملاءات والضغوط الاميركية المتصاعدة على لبنان دولة ومؤسسات وشعب, سياسيا ,واقتصاديا, ومعنويا يؤازرها العدوان "الاسرائيلي" المتواصل سواء على غزة او على لبنان , والقتل اليومي ,مقابل دعوات أقرب الى الوجدانية الى مفاوضات, بلا خطة او برنامج .
جاء العدوان على الضاحية الجنوبية مؤخرا واغتيال القائد هيثم طبطبائي واخوانه عشية الزيارة المنتظر لسيد الفاتيكان البابا لاون الى لبنان , ليس فقط كرد على دعوات التفاوض , وانما ايضا وبالتحديد , بان السلام الذي سيدعو اليه البابا خارج حسابات " اسرائيل " وان الحرب مستمرة, واحدى جزئياتها المناورة المفاجئة لقوات الفرقة 210 للوقوف على جهوزيتها الميدانية على الجبهة الشمالية واعلان رئيس الاركان ايال زامير خلال المناورة : إنه "بعد عامين من الحرب، نواصل عملياتنا في جميع الجبهات. نعمل بلا توقف للدفاع وإزالة التهديدات بشكل هجومي"، وأن "الجيش يخضع اليوم لعملية استخلاص للدروس وتطبيقها، من أجل العودة إلى الجاهزية وتعزيز الأسس العملياتية والمهنية". وأن "هذا التمرين المفاجئ يشكل حدثا مهما في إطار التحضيرات وحجم التدريبات على مستوى هيئة الأركان. قبل كل شيء نحن جميعا نحمي البلاد ولهذا نستعد، كما نعمل على تعزيز الدفاع وتدعيم أمن البلدات الحدودية"، وسنقوم بتطبيق الدروس المستخلصة من هذا التمرين في جميع الأذرع..
هناك من يعول في قراءة سطحية ,على ان تكون زيارة سيد الفاتيكان الى لبنان يمكن ان تكون عامل تهدئة يؤدي الى لجم العدوان "الاسرائيلي" , بينما في قراءة موضوعية فان البطاقة الاميركية الحمراء "لإسرائيل", لم تتحرك من الدرج العميق , ولذا فان الخيارات تتجه الى استعار النار , لتعديل موازين القوى التي يمكن ان تنتج حلا قاعدته لي ذراع الكيان عبر تصحيح الخلل، وإلزام "اسرائيل" بتطبيق الاتفاقات سواء في غزة او في لبنان، ولجم مشروع "خيبر ترامب".
العدوان الصهيوني ورفض المفاوضات.. و"خيبر ترامب" ــ يونس عودة
الثلاثاء 25 تشرين الثاني , 2025 01:48 توقيت بيروت
أقلام الثبات
متى سَتُنهي أمريكا صلاحية "الإسلام التركي" بقيادة أردوغان؟ ــ د. نسيب حطيط
لقد آن أوان فضح المتواطئين… فهم لم يعودوا “خصومًا سياسيين” بل باتوا مشكلة وطنية
خطة ترامب للسلام في أوكرانيا.. الهواجس الأوروبية كبيرة ــ د. ليلى نقولا