أقلام الثبات
يشكّل "الإسلام التركي"، الذي يقوده "حزب العدالة والتنمية"، إسلامًا مُتناقضًا يفصل بين الدين والسياسة، ففي الشق الديني يؤمنون بالإسلام وفق المذاهب الأربعة، بينما في السياسة يتبنون السياسة الأمريكية - "الإسرائيلية" والقومية التركية.
يُعلن "الإسلام التركي الأردوغاني" إيمانه بالإسلام، لكنه يتحالف استراتيجياً مع "إسرائيل" التي تحتل القدس؛ أولى القبلتين، وتُحاصر الشعب الفلسطيني المسلم، وتُدمّر غزة التي تحكمها حركة حماس المولودة من رحم الإخوان المسلمين، التي ينصّب أردوغان نفسه مرشداً عاماً لها، إذ دعم ثورة "الإخوان" في "الربيع العربي" في مصر، وتبنّى الدفاع عن مجزرة "رابعة" اكثر مما استنكر مجازر "إسرائيل" في غزة، كما دعم الإخوان المسلمين والحركات التكفيرية في سوريا، ويتصرّف اردوغان بصفته القيادة السياسية المركزية لجميع فروع الإخوان حول العالم.
يُعدّ "الإسلام التركي"، بقيادة أردوغان، "إسلاماً علمانياً" يفرّق في تطبيق الأحكام الشرعية بين الليل والنهار، فيمنع بيع الخمور ليلاً، ويسمح به نهاراً، مع ان الله تعالى موجود ليلا ونهاراً!
يتحالف "الإسلام التركي" مع "إسرائيل" ويدعم غزة بالتصريحات، لكنه يمدّ "إسرائيل" بالمواد الغذائية والنفط والملابس، ولا يقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وبصفته عضواً في حلف الناتو، يغزو الإسلام التركي سوريا لإسقاط نظامها، ويغزو العراق، ويتحكم بمياه الفرات الخاصة بكل من سوريا والعراق!
يدعم "الإسلام التركي" أي حركة مسلحة معارضة للأنظمة العربية، سعيًا لإحياء "السلطنة التركية"، لكنه لا يدعم أي مقاومة مسلحة ضد العدو "الإسرائيلي" أو الولايات المتحدة.
تستخدم أمريكا "الإسلام التركي" كجزء من منظومة إسلامية مُصنّعة خارجياً تهدف إلى هدم الإسلام الأصيل، حيث إن فروع "الإسلام التكفيري"، و"الإسلام التركي"، و"الإسلام الوهابي"، بكل ما يتوفر لها من إمكانيات وتسهيلات ودعم أمريكي غربي وتمويل عربي، هي المسؤولة عن كل الحروب والفتن التي عصفت بالعالم الإسلامي منذ الحرب العراقية - الإيرانية عام 1979، مروراً بغزو الكويت، ، يليه "الربيع العربي" الذي لا يزال مستمرًا، وتُختتم هذه المسيرة بخطايا "الإسلام المُهجّن" الأمريكي، وما حدث لغزة التي تُرِكَت وحيدة ويتيمة في فم الذئب "الإسرائيلي" والأمريكي، حيث ارتكبوا المجازر والإبادة الجماعية دون أن يقدم المسلمون – باستثناء الشيعة – أي مساعدة لإنقاذها، وما يفعله هذا الإسلام "المهجّن" متعدّد الوجوه في لبنان والعراق وإيران واليمن ، لتدمير الإسلام وقِيَمه وأخلاقياته وتشريعاته وسلوكياته لصالح "الديانة الإبراهيمية" الماسونية، واتفاقيات "سيداو" وغيرها التي تسعى لتقويض الأسرة والمجتمع بهدف صناعة مجتمعات جديدة في العالم الإسلامي.
لم يستفد أردوغان من تجارب سابقيه من الحكام والملوك والرؤساء والأمراء الذين خدموا السياسة الأمريكية، فعندما انتهت صلاحية وجودهم في الحكم، انقلبت عليهم أمريكا، أو ساعدت من انقلب عليهم، حتى بلغ الأمر بامتناع أمريكا عن معالجة "شاه إيران"، وقامت بترحيله بعد فترة خدمة طويلة.
يُعتبر "الإسلام التركي" بيدقًا في رقعة الشطرنج الأمريكية - "الإسرائيلية"، ولا يُسمح له بأن يكون خليفة أو سلطانًا جديدًا، ومهمته محصورةٌ بقتال من يقاوم المشروع الأمريكي "الإسرائيلي"، وبعد الانتهاء من مهمته وانتهاء صلاحيته، سيتم التخلص منه لتعود تركيا علمانية شكلًا ومضمونًا.
لا تقبل أمريكا و"إسرائيل" شراكة أحد معهما، حتى لو كان حليفًا مؤقتًا في تنفيذ المشروع، ولن يُسمح لتركيا بالشراكة في سوريا، بعدما خاضت حربًا لإسقاط النظام، ولن يُسمح لها بالقضاء على الأكراد في سوريا أو العراق، وعليها انتظار دورها في التقسيم والتجزئة الى أقاليم (علوي وكردي وتركي)، لأن المشروع الأمريكي "الإسرائيلي" لا يسمح ببقاء أي دولة إسلامية كبرى تمتلك القوة، والمخزون الثقافي الديني القادر على الانقلاب ضد "إسرائيل" وأمريكا، مع خصوصية استثنائية لتركيا تتطلب تقييدها وتفتيتها بسبب موقعها الجيو - سياسي على بوابة أوروبا وامتداداتها في الجمهوريات الروسية الإسلامية.
هل يُعتبر تهديد أمريكا بتصنيف فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن "جماعات إرهابية" بمنزلة رفع للبطاقة الحمراء بوجه تركيا، وبداية مرحلة إنهاء صلاحيتها، وقطع أذرع "الإسلام التركي الأردوغاني"، بعد أن أنجز مهمته في سوريا، ومُنِع من استثمارها بالشكل الذي كان يحلم به؟
هل يُعدّ التهديد بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية بداية لتصنيف "الإسلام التركي" بقيادة أردوغان كإرهاب؟
يُعيد أردوغان تجربة الجنود الأتراك الذين كانوا يُعيّنون الخليفة العباسي، وقد يعود الجنود التكفيريون أو العلمانيون الأتراك "بأمر أمريكي" لتعيين الرئيس التركي أو عزله بأمر من "أمير التكفيريين المركزي"... أي أميركا.
متى سَتُنهي أمريكا صلاحية "الإسلام التركي" بقيادة أردوغان؟ ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 25 تشرين الثاني , 2025 12:02 توقيت بيروت
أقلام الثبات
لقد آن أوان فضح المتواطئين… فهم لم يعودوا “خصومًا سياسيين” بل باتوا مشكلة وطنية
خطة ترامب للسلام في أوكرانيا.. الهواجس الأوروبية كبيرة ــ د. ليلى نقولا
أولوية واجبات المقاومة حفظُ وجودها ــ د. نسيب حطيط