أقلام الثبات
يشكل قصف مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان بداية مرحلة جديدة من الحرب "الإسرائيلية"، لإبادة الشعب الفلسطيني وإنهاء القضية الفلسطينية، وإقفال النقاش حول قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، سواء على كل فلسطين أو من بوابة حل الدولتين، لأن المشروع "الإسرائيلي" المسمى "إسرائيل الكبرى" لا يتضمن إنشاء دولة فلسطين أو أية دولة جديدة، بل يمحو دولاً قائمة، ليدمجها ضمن "إسرائيل الكبرى"، أو الاسم الملطّف لـ"الشرق الأوسط الأمريكي الجديد".
يُعَدّ مخيم عين الحلوة في لبنان أكبر المخيمات الفلسطينية، وقد مُنح مصطلح "عاصمة الشتات الفلسطيني"، وبدأت "إسرائيل" بقصفه بحجة وجود مخيمات تدريب ومخازن أسلحة، مع علمها أنه لا سلاح ثقيل في المخيمات، بل أسلحة رشاشة متوسطة أو صواريخ قديمة، وقد تم التمهيد للقصف العسكري والسياسي للمخيمات من بوابة مسرحية السلطة الفلسطينية والسلطة اللبنانية بتسليم سلاح المخيمات، والتي كانت عبارة عن بعض صناديق ذخيرة قديمة لا تتعدى حمولة عشر شاحنات صغيرة من أكثر من ثلاثة مخيمات، وكان الهدف منها هو إظهار أن السلاح الذي تملكه السلطة الشرعية الفلسطينية قد تم تسليمه، وأن كل سلاح لأي فصيل ومنظمة فلسطينية فهو خارج عن الشرعية الفلسطينية وعن الشرعية اللبنانية!
إن المشروع "الإسرائيلي" لإنهاء القضية الفلسطينية وكتابة نهايتها وخاتمتها وفق القرار "الإسرائيلي" يهدف إلى تنفيذ ثلاثة أمور:
- اجتثاث المقاومة المسلحة الفلسطينية في الداخل، وقطع طرق الإمداد لها من الخارج.
- إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وظاهرة المخيمات الفلسطينية، وتذويب الشعب الفلسطيني في الخارج عبر التوطين أو منحهم جنسيات أجنبية، بعد توزيعهم ونثرهم في كل دول العالم.
- عزل القضية الفلسطينية وحصرها بالفلسطينيين، من خلال التطبيع و"السلام" مع الدول العربية والإسلامية، وتثبيت ثقافة "الأنانية الوطنية"؛ بأن يرفع كل شعب ودولة شعار "نحن أولاً وأخيراً".
إن صفقة القرن أطاحت بالقدس، كعاصمة سياسية ورمزية لدولة فلسطين، والحرب "الإسرائيلية" رداً على "طوفان الأقصى" بدأت بالإطاحة بعاصمة الشتات الفلسطيني، حتى يكون الشعب الفلسطيني بلا عواصم حقيقية لا في الوطن ولا في الشتات في الخارج.
الحرب "الإسرائيلية" الحالية تستهدف إبادة المخيمات الفلسطينية، بعد إبادة غزة بالاشتراك مع الأنظمة العربية وكانت أولى خطوات الإبادة في سوريا بعد إسقاط النظام، حيث تم إلغاء الوجود الفلسطيني المسلح والعسكري والسياسي، وربما الاجتماعي والتعليمي أيضًا.
يهدف المخطط "الإسرائيلي" إلى فرض التوطين في لبنان بالقوة، ضمن منظومة السلام بالقوة ،حيث يتم الدمج القسري للنازحين السوريين، وتوطين اللاجئين بالقوة، ثم التطبيع و"السلام" عبر القوة وقد تستمر إسرائيل في قصف المخيمات، لا لإجبار السكان على النزوح، كما تفعل مع المدنيين اللبنانيين، وذلك لإفراغ المخيمات وإذابتها، وربما تكرار تجربة تدمير مخيم النبطية بالكامل عام 1974، ويمكنها تكرار تجربتها في غزة داخل مخيمات لبنان، كما فعلت مع القرى اللبنانية الحدودية.
لا يزال المشروع "الإسرائيلي" التاريخي للوصول إلى نهر الأولي، وعدم الاكتفاء بمنطقة "جنوبي الليطاني"، قائمًا، ويمكن "لإسرائيل" تحقيق أهدافها إذا ظلت الردود على أفعالها محصورة في دائرة الصمت أو الاستنكار أو الشكوى، بالتزامن مع الخيانة الوطنية التي انزلقت إليها بعض السلطات والأحزاب والطوائف في لبنان.
إن التشتت والتفرقة بين قوى المقاومة (أفرادًا وجماعات وأحزابًا)، مقترنًا بانزلاق الأغلبية نحو الخيانة والعمالة والتطبيع والسلام، مع وقوف شريحة كبيرة في دائرة الحياد بسبب الوهم والاعتقاد الخاطئ بأنها غير مستهدفة، سيسهل الطريق أمام المشروع الإسرائيلي الأمريكي وإذا كانت المقاومة العسكرية غير متاحة، ولا تسمح الظروف بفتح جبهات وحروب ميدانية، فإن ذلك لا يبرّر الصمت المطلق، ولا غياب المظاهرات والاعتصامات، ولا أي تحرك إعلامي أو قانوني، بل إن هذا الصمت يترك "إسرائيل" وأمريكا تستبيحان كل شيء عندنا من الأرض والجو والقوانين والثقافة والعقائد، حتى نكاد ندخل في "موت سريري" غير مبرر مع اننا لم نفقد كل قوتنا ولا يزال بيدنا الكثير من أوراق القوة التي، إن لم تستطع هزيمة المشروع، فهي تستطيع عرقلته وإزعاجه وعدم توفير الأمان له.
يجب العودة إلى مقاومة منظومات "النحل والدبابير" لمنظومة "حجر داوود وجُلْيَاتُ العملاق" ومنظومة "القتال الحسيني" التي كانت نهج المقاومة في بداياتها، لعدم قدرتنا على مقاومة الجيوش الكلاسيكية طالما أننا لا نمتلك سلاح دفاع جوي.
قصف مخيم عين الحلوة... لإنهاء قضية اللاجئين وحق العودة ــ د. نسيب حطيط
الخميس 20 تشرين الثاني , 2025 12:16 توقيت بيروت
أقلام الثبات
عودة أحمد الشرع من البيت الأبيض لتقسيم البيت السوري ــ أمين أبوراشد
جبهة إسناد "إسرائيل"... والحقد على المقاومة ــ د. نسيب حطيط
إلى السيناتور المتعجرف: لبنان وجيشه أكبر من ضجيج واشنطن ـ محمد دياب