أقلام الثبات
بدأت معركة فرض التطبيع على لبنان، من باب الزامه بالتفاوض المباشر مع العدو "الإسرائيلي"، تحت ضغط الإعتداءات اليومية والقتل بالمسيرات والغارات الجوية؛ واستمرار التدمير الممنهج للقرى الحدودية ومنع إعادة الإعمار، إضافة إلى الحرب المالية والإقتصادية الشرسة التي يتعرض لها.
يأتي ذلك، بعد أن نجحت الولايات المتحدة الأميركية ومعها المملكة السعودية، في تحقيق القسم الأكبر مما تريدانه من لبنان، على صعيد السلطة والحكم، عبر إيصال اشخاص محسوبين عليهما، للإمساك بمفاتيح السلطة والمال فيه، لكن بقيت المعضلة التي لم يجدا لها حلاً، طوال أكثر من خمسين سنة، مارسا فيها كل أنواع الضغوط، دفع المال وإفتعال الفتن والتحريض؛ وصولاً إلى إستعمال العصاة "الإسرائيلية"، خصوصاً في إجتياحات سنوات 1978 و1982 وفي عدوان 2006 وحرب 2024 ، فما زال السلاح المقاوم العقبة الكأداء أمام إستكمال صهينة لبنان، نتيجة حال الأمركة والسعودة، التي يراد للبنان الإستسلام لها، بعدما تعرض لكل أنواع الضغط والحروب وعمليات التطويع والإخضاع، لمنعه من ممارسة دوره، في فضح عملية صهينة المنطقة العربية و"أسرلتها" الجارية، عبر بيع الأنظمة العربية لفلسطين؛ وإعترافها الخياني بالكيان المجرم الذي يحتلها ويقتل شعبها ويهجره، مقابل نيل الرضى الأميركي و"الإسرائيلي" وحمايته للعروش والحكام من الماء إلى الماء.
فلبنان بات بكل وضوح، مستعمرة أميركية، تأمر فيها سفارة واشنطن فتطاع من دون نقاش. وجاء القبول بورقة السفيه توم براك والخضوع لأوامر الضباط الأميركيين بتفجير كل أنواع السلاح والذخائر، التي يعثر عليها الجيش اللبناني في جنوب الليطاني؛ وإفتعال رئيس الحكومة وبعض وزرائه من صهاينة الداخل، معارك "دونكيشوتية"، لإشهار ولائهم لسيدهم الأميركي وتابعه السعودي؛ وكذلك تعيين حاكم لمصرف لبنان، بإرادة أميركية؛ وإطلاق أمين سر عصابة اللصوص، التي سرقت أموال اللبنانيين وهربت إيداعت المصارف إلى الخارج، رياض سلامة، وغير ذلك كثير، إلا واجهة لما يمارسه الحكم في لبنان، حتى بات الحكم محرجاً من تسابق ادواة الأميركيين والسعوديين، في تقديم خدماتهم في الدس على بعضهم البعض وفي التسابق على الإنبطاح وتقديم الولاء، مثل ذلك السفاح الذي قال، عندما رمى السهم الأول ضد أهل الحق: "إشهدوا لي عند الأمير".
هي معركة بدأت منذ أن أعلنت أميركا وأتباعها من الحكام العرب، الحرب على كل من يرفض الإعتراف بالكيان المغتصب لفلسطين. وتطورت مع توريط لبنان بالديون، لتفليسه كدولة ولإفقار شعبه، بحجة أن تلك الديون ستوفيها أنظمة عربية، عندما ينضم لبنان إلى طابور الإستسلام العربي، المسمى زوراً مشروع "السلام". وتعمق المشروع غارزاً سكاكينه بلحم اللبنانيين، بتواطؤ من حكام نظام المحاصصة والفساد الطائفي، الذي لا يجروء أركانه (ولو تبدلت اسماؤهم) على إغضاب ألإدارة الأميركية، في وقت يتعيش فيه هؤلاء الأركان على فتات مكرمات دول النفط ومقاولاتها.
وفي سياق هذا المخطط الإجرامي بحق لبنان واللبنانيين، شنت حروب على لبنان وافتعلت أزمات ونفذت إغتيالات، ولم تترك وسيلة أمام الأميركي ومعه أتباعه من دول الغرب والعرب، إلا وجرى تنفيذها. فالمطلوب خطف قرار لبنان واللبنانيين بالكامل ووضعه في حضن الأميركيين و"الإسرائيليين".
ولا ننسى إكتشاف النفط والغاز في بحر لبنان وأرضه، ليصبح عاملاً إضافياً يزيد من جشع الأميركي وأتباعه في الهيمنة على لبنان. وسبق أن نقل عن مساعد وزير الخارجية الأميركية، السفير الأسبق في لبنان، ديفيد ساترفيلد، بأن الأميركيين يضغطون على لبنان للتشارك مع كيان العدو في مشروع طرحته اليونان، لإقامة أنبوب لتصدير الغاز إلى أوروبا يمر بشواطئها بالاشتراك مع قبرص و"إسرائيل". وفي موازات ذلك، جرى تشكيل "منتدى غاز شرق المتوسط"، الذي يضم مصر، "إسرائيل"، قبرص، اليونان، إيطاليا، الأردن وفلسطين. ورفض لبنان الإنضمام إليه بفعل وجود كيان العدو فيه.
كما سبق لحاكم السعودية الفعلي، محمد بن سلمان، أنه قال: "مشكلة لبنان بسيطة، انزع سلاح حزب الله وترجع لبنان أحلى من باريس" وكأن وعود السعودية لمصر والأردن من أجل التطبيع، لم تكن غير وعود عرقوبية. وعبّر إعلام إبن سلمان عن حالة إفلاس سياسي وعقائدي، عندما دعت إحدى أبرز صحفه اللبنانيين "إلى التطبيع" مع العدو "الإسرائيلي" والقبول بما أسمته مساعدات "إسرائيلية" لمواجهة "حزب الله". ولا ننسى فضيحة طلب المملكة السعودية ودولة الإمارات من شركة "إسرائيلية" (بيغاسوس)، التجسس على مسؤولين ورجال سياسة ودبلوماسيين وصحافيين وشخصيات لبنانية.
وقد عاقبت السعودية سعد الحريري لأنه فشل في تخليصها من "حزب الله" في لبنان، بعد أن صرفت له ولوالده من قبله، مليارات الدولارات؛ وأوصلتهما إلى قمة دورهما المالي والسياسي. وتخلصت من الأول إغتيالاً بعد أن بات دوره التنسيق اليومي مع الحزب. واعتقلت الثاني وكادت أن "تخوجقه" أو "تنشره" (مثلما فعلت بالخاشقجي)، لولا تدخل القيادات اللبنانية والضغوطات الدولية والإقليمية التي أنقذته من أيدي أميرها.
وبالخلاصة، هو فشل أميركي وسعودي سيستمر، طالما انه يتعارض مع حقائق التاريخ ومصالح الشعوب، فالكيان الصهيوني هو كالوباء، إما أن يدمر المنطقة أو تتخلص منه. أما "الإبراهامية"، فهي كفر بالإسلام، لأن نبي الله إبراهيم "كان حنيفاً مسلماً". وهذا قول الله تعالى فوق كل قول.
غزة ... الإيواء أولاً
الشرع يعود من واشنطن لإدارة الفوضى من دمشق _ أمين أبوراشد
لقاء ترامب والجولاني يكشف مشروعًا إرهابيًا واحدًا _ د. نسيب حطيط