أقلام الثبات
كشف لقاء ترامب والجولاني الوجه الحقيقي للولايات المتحدة والجماعات التكفيرية التي نشأت في حضن الإسلام الأمريكي الهجين، ولتبييض صورة الجولاني التكفيري، بدا اللقاء وكأنه احتفال بنجاح وإنجاز المهمة الأولى لجبهة النصرة التي تحولت إلى جبهة تحرير الشام ثم أصبحت النظام الحاكم في سوريا.
أسقط لقاء ترامب - الجولاني شعارات أمريكا المناهضة للإرهاب وشعار الجماعات التكفيرية في حربها ضد أمريكا وأظهر أن الحرب المزعومة بينهما، كانت مجرد مشهد سينمائي مُدبّر لإنجاح المخطط والمشروع، حتى لو أدى ذلك إلى سقوط العديد من الضحايا من المسلمين وبعض الضحايا الأمريكيين.
يمثل الجولاني النسخة الثالثة المُعدَّلة من "طفل الأنبوب" التكفيري الأمريكي، بعد النسخة الأولى "بن لادن" ومصيره الغامض، والنسخة الثانية "أبو بكر البغدادي" ومصيره الغامض أيضًا، أما النسخة الثالثة،"الجولاني" فهي ما يُسمى "الروبوت التكفيري" الذي استُبدلت جائزة العشرة ملايين دولار المخصصة للقبض عليه بزجاجة عطر رشّها الرئيس الأمريكي ترامب على عنقه.
إن لقاء ترامب - الجولاني يؤشر ويثبت بالدليل أن حروب أمريكا، سواء كانت لنشر الديمقراطية أو لمكافحة الإرهاب أو لتدمير أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة في العراق، هي حروب استعمارية إرهابية تُغطى بشعارات وعناوين خادعة لتضليل الرأي العام وتبرير القتل والتوحش ويمكن استخلاص بعض الثوابت والأحداث المحتملة لهذا الإرهاب الأمريكي - التكفيري:
- إن أمريكا والإسلام التكفيري وجهان لمشروع إرهابي واحد، أحدهما ينطق بالإنكليزية ليكون جيش الله على الأرض، والآخر ينطق بالعربية ليكون جيش الله على الأرض في خدمة شعب الله المختار على الأرض "إسرائيل".
- تَوسّع الإسلام الأمريكي الهجين يمثل مرحلة ضرورية للتمهيد لظهور "الديانة الإبراهيمية" من بوابة اتفاقات إبراهام، وإعدام الإسلام القرآني في الميدان والثقافة والسلوك، وقد حققت أمريكا بالفعل، إنجازات واضحة في هذه المسيرة التكفيرية.
بعد أن أنجز الجولاني وجماعته التكفيرية، بالتعاون مع داعش وضمن صراع مُنظَّم ومُخطَّط له من القائد الأمريكي لهذين التنظيمين، مهمتهما الأولى ، إسقاط النظام السوري ونقل سوريا من محور المقاومة إلى محور مكافحة الإرهاب بقيادة أمريكا، والتمهيد للتطبيع والسلام مع "إسرائيل"، فإن المهمة الثانية ستكون مقاتلة حركات المقاومة بمختلف مذاهبها حزب الله، والحشد الشعبي، وحركة حماس التي شارك بعضها مع النصرة ضد النظام في سوريا، واستبشروا خيراً بتولي النصرة الحكم، معتبرين ذلك مقدمة لتحرير فلسطين. لكن الواقع تمثل في نزع سلاح الفلسطينيين مع الترقب لشن النصرة بقيادة الجولاني حرب تصفية ضدهم، وربما تجريد الفلسطينيين من جميع المكتسبات التي منحهم إياها نظام الأسد.
تعيش أمريكا نشوة النصر، وتفترض أن سقوط سوريا، الذي كان خيالياً وغامضاً، سيشجعها على استكمال مهماتها للقضاء على حركات المقاومة وإيران بذراعها المتمثلة في "المارينز التكفيري" متعدّد الأسماء والشعارات، الذي وُلد، لهدف واحد هو خدمة المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، وتحطيم الإسلام كدين وقيم وجماعة، حيث تتصرّف أمريكا بغرور وغطرسة وفجور ، وفرض أوامرها التي يجب أن تُنفذ دون نقاش، ودون أن تحتاج لإطلاق رصاصة واحدة أو ترسل جندياً أو تصرف دولاراً، ما دامت الدول العربية تمول الحروب بالمال والأفراد والعقيدة الإسلامية التكفيرية المنحرفة، وهي الدول التي ستتحمل مسؤولية القضاء على المقاومة في لبنان بعناوين طائفية، وعلى المقاومة في فلسطين بحجة الردة أو الخروج عن الإجماع.
تعتقد أمريكا أن إسقاط سوريا استغرق عقداً من الزمان أو أكثر، وفشلا بإسقاط العراق دون الغاء المخطط ، وضرورة القضاء على المقاومة اللبنانية لإغلاق النبع وتجفيف السواقي المقاومة في فلسطين وسوريا والعراق، والأهم من ذلك، اجتثاث "المشروع الفكري المقاوم".
تسقط أمريكا في فخ الوهم والغرور وسوء الحسابات، فرغم كل الضربات القاسية والقاتلة، سيعاود المشروع المقاوم نشاطه من جديد ويستعيد بعض أوراقه، وإذا أصر الجولاني على الاستمرار في مهمته، فربما يدفع ثمن مغامرته.
تتطلب المراسم الملكية البريطانية لمنح لقب "سير" أن يركع المرشح أمام الملك الذي يمرر السيف على كتفيه، أما المراسم الأمريكية لمنح لقب "خادم" فتتضمن دخول المرشح من الباب الخلفي للقصر ورش الملك "العطر" على عنق المرشح لإخفاء رائحة الدماء التي أراقوها ولا يزالون يريقونها.
"الجولاني" هو الحاجز الطيّار الجديد لمنع تحرير فلسطين.
لقاء ترامب والجولاني يكشف مشروعًا إرهابيًا واحدًا _ د. نسيب حطيط
الجمعة 14 تشرين الثاني , 2025 12:53 توقيت بيروت
أقلام الثبات
لبنان بين الدبلوماسية "المنبطحة" والميدان العزيز: ميزان القوة والكرامة
قراءة نقدية للإشكاليات البنيوية... للمشروع المقاوم _ د. نسيب حطيط
خزانة الإرهاب الأميركي في لبنان.. وخيارات الضرورة - يونس عودة