أقلام الثبات
بدا الرئيس السوري أحمد الشرع خلال الساعات التي سبقت زيارته لواشنطن وكأنه يجري امتحان دخول إلى البيت الأبيض، عبر حملة غير مسبوقة على "داعش" تؤهله لنيل ثقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه جدير بمكافحة الإرهاب، ودخول سوريا الى "التحالف الدولي" في هذا الشأن.
ليس غريباً على واشنطن التي صنعت "داعش" - باعتراف وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة" - أن تصنع من إرهابي سابق "بطل سلام"، لأن الشرع جاهز للبرمجة والخضوع لأية عملية "Update" أميركية تتيح له البقاء في السلطة، لكن محاربة "داعش" ليست هي معيار القدرة على حكم سوريا، بل تنظيف "البيت الداخلي" لأحمد الشرع من المقاتلين الأجانب، ومن المتشددين في هيئة تحرير الشام و"أخواتها".
الحملة الأمنية التي سهَّلت دخول الشرع إلى البيت الأبيض - ولو من الباب الجانبي - أمَّن لها الشرع تغطية إعلامية واسعة من كافة وسائل الإعلام المؤيدة لسلطته، وقد شملت هذه الحملة حلب وإدلب وريف دمشق عبر 61 مداهمة، وأسفرت عن اعتقال 71 عنصراً، ومصادرة كميات من الأسلحة والذخائر.
والدخول إلى البيت الأبيض من الباب الجانبي وليس الرئيسي، ودون كاميرات الصحفيين، هو جزئية هامة من البروتوكول الرئاسي الأميركي، كون الشرع رئيس سلطة مؤقتة، وحكومته وليدة أمر واقع سوري، ولا وزن دولي لنظامه المُطَالَب بتطبيق القرار الأممي رقم 2254، القاضي بتشكيل حكومة جامعة لكافة مكونات الشعب السوري وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية، وضمان سلامة الأقليات ومشاركتهم في الحُكم.
وأعلنت "الإخبارية السورية" عن التقاط جهاز الاستخبارات العامة ووزارة الداخلية معلومات تفيد بأن هناك نية لتنظيم "داعش" لتفعيل عمليات جديدة، ولذلك قامت القوى والأجهزة الأمنية بعملية استباقية لتحييد هذا الخطر، وأنه تم اعتقال "قيادات عالية ومتوسطة» خطيرة في التنظيم، وضبط كتيبة انتحاريين في مدينة حلب، واعتقال القيادي البارز في "داعش"؛ عبد الإله الجميلي، المُلقّب بـ"أبي عماد الجميلي".
هذه العملية الأمنية هي تفصيل بسيط من الجو العام الذي ستعيشه سوريا في القادم من الأيام، خصوصاً بعد صدور القرار الأممي رقم 2799 الذي قضى بشطب اسميّ الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة تنظيمات "داعش" و"القاعدة"، لتمكين البيت الأبيض من استقبال الشرع، لكن أهم ما في هذا القرار أنه جاء تحت البند السابع، ورُفع عن الشرع ليشمل كامل سوريا.
وإذ يؤكد القرار 2799 على وحدة سوريا وسيادتها، فقد ورد فيه وجوب مكافحة الإرهاب، والتصدي للمقاتلين الإرهابيين الأجانب، وحماية حقوق الإنسان، ومكافحة المخدرات، وهنا تكمن العقدة الكأداء في عدم إمكانية الشرع تنفيذ بنود هذا القرار:
أولاً: كيف للشرع محاربة مَن هم الآن حلفاؤه، وأجهزتهم العسكرية واللوجستية من الأجانب، مثل ألوية "العمشات" و"الحمزات" و"السلطان مراد" و"محمد الفاتح" و"الجبهة الشامية" و"فيلق الشام" و"الفيلق الأول"؟
ثانياً: الشرع سيقاتل بنصفه الموالي، النصف المعارض الذي بات يعتبره مُرتداً وكافراً وناكثاً بالعهود، جراء انحرافه عن خط "دولة الخلافة" إلى دولة مدنية علمانية في "سوريا الأموية".
ثالثاً وأخيراً: في حال عجز الشرع عن مقاتلة الأجانب حتى القضاء عليهم أو إزاحتهم جانباً في وضع التقاعد، كشرط صيني وروسي بعدم إعادتهم إلى بلدانهم: الإيغور إلى الصين، والأوزبك والشيشان والطاجيك إلى بلدان في الجوار الروسي، فإن هؤلاء الأجانب الذين بلغت بهم الوقاحة أن اعتبروا "البيت بيتهم" في سوريا، وسيطروا على منازل وأراضٍ ومحال تجارية للغير، والنقمة الشعبية ضدهم تتصاعد، خصوصاً في دمشق وحمص وحماه وحلب، إذا وجد الشرع في "قسد" نصيراً له ضدهم، كونها ضمن "التحالف الدولي" لمحاربة الإرهاب، فإن "لقسد" شروطها على الشرع، فيما لن يجد الشرع نصيراً، لا بين العلويين ولا بين الدروز ولا بين أهل السنَّة الأشاعرة الذين ضاقوا ذرعاً من فكر تكفيري غريب عن بلاد الشام، والخوف كل الخوف من مواجهة سُنية مع التكفيريين في كافة مناطق الوجود المختلط، والعاصمة دمشق إحدى الجبهات الساخنة، وليس كل ما يبرمجه ترامب بإمكان المٌبرمَج أحمد الشرع تطبيقه.
الفجور الأمريكي: المقاومة وجود إيراني! ــ د. نسيب حطيط
أحمد قصير… فتى الجنوب الذي دوّى اسمه في سماء البطولة
في يوم الشهيد: عهدٌ لا يُنكسر وصمودٌ على طريق الوفاء