الثبات-إسلاميات
قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
هذه الآية وعدٌ ربّانيّ صادق، يفتح للقلوب باب الطمأنينة ويزرع في الأرواح بذور السعادة الحقيقية
فالحياة الطيّبة ليست وفرة مالٍ ولا جاهٍ ولا متاعٍ زائل، بل هي أنوارٌ تفيض في القلب حين يسكن الإيمان أعماقه، ولذّةٌ تُذاق بالروح حين يقترب العبد من ربّه في سجوده وذكره وخلواته.
كلّما ازداد العبد قُرباً من الله، أذاقه الله من حلاوة الإيمان ما لا يوازيها نعيم، كما قال النبي ﷺ: ((ذاقَ طَعمَ الإيمانِ من رَضِيَ باللَّهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمّدٍ رسولًا)).
هذه الحلاوة ليست خيالًا، بل شعورٌ يملأ النفس سكينة، يجعل المرء يأنس بالله في وحدته، ويجد طمأنينةً في قلبه ولو ضاقت به الدنيا.
وقد قال ﷺ أيضًا: ((ثلاثٌ من كنَّ فيه وجدَ حلاوةَ الإيمانِ: أن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليهِ مما سِواهما، وأن يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلا للهِ، وأن يكرهَ أن يعودَ في الكفرِ كما يكرهُ أن يُقذَفَ في النارِ)).
فالحياة الطيّبة ثمرة هذا الحبّ الإلهيّ الذي يطهّر القلب من الأهواء، ويغمره بأنوار الرضا والقرب.
ومن عجيب أمر هذه الحياة، أنها تمتدّ آثارها إلى كل تفاصيل الوجود؛ فتصبح يقظة المؤمن عبادة، ونومه راحةً في طاعة، وطعامه وشرابه شكرًا لله، وبلاؤه رفعةً ودرجات.
قال ﷺ: ((عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره كلَّه له خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له)).
إنها حياةٌ يحياها القلب قبل الجسد، وسعادةٌ تبدأ في الدنيا وتكتمل في الآخرة، إذ يُقال لأهلها يوم القيامة: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾
فالحياة الطيّبة في الدنيا هي ظلٌّ من تلك الحياة الأبدية في جنات النعيم، جزاءً لمن عمر قلبه بالإيمان، واستقام على صراط الرحمن.
فما أجمل أن تكون حياتنا لله، نعمل الصالحات، ونستشعر القرب في الدعاء، والأنس في الذكر، فنُحيَا كما أراد الله لنا: حياةً طيّبةً في الدنيا، وسعادةً خالدةً في الآخرة.
نفحات الجمعة: لا تقنطوا من رحمة الله
في رحاب سورة الكهف
إذ نادى... فاستجاب الرحمن