أقلام الثبات
بروز اسم اللواء مناف طلاس مؤخراً، والحديث عن الضباط المنشقين عن الجيش السوري السابق البالغ عددهم ستة آلاف من مختلف الرُتب والاختصاصات والخبرات، يعتبره المعارض السوري البارز الدكتور هيثم المناع، أنه "نتيجة الحماقات التي ارتكبتها السلطة الحالية، التي أحجمت عن استدعاء هؤلاء الضباط أصحاب الكفاءات العلمية العالية والسِّيَر الذاتية النظيفة، واستعانت بمجرمين من أمثال أبو قصرة، وأبو نصرة، وأبو الدردار، وسلَّمتهم مناصب قيادية عسكرية".
ليس هناك برأي المتابعين جيش سوري بالمعنى المؤسساتي، بل مجموعات فصائلية تتمركز في المناطق التي كانت فيها قبل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وهذه الفصائل تضمّ على الأقل ثلاثة آلاف مقاتل من المتشددين دينياً، وقسم منهم انشق عن هيئة تحرير الشام، حين تظهَّرت لدى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ميول "منحرفة" نحو الدولة المدنية العلمانية، وتواصله مع الغرب "الكافر"، إضافة إلى انحرافه عن طريق القدس التي كان يهدد بالزحف إليها وتحريرها، ثم انبطاحه لاحقاً أمام "إسرائيل" التي باتت محافظات الجنوب السوري القنيطرة ودرعا والسويداء إضافة إلى ريف دمشق مسرحاً مُشرَّعاً لها.
محاربة الإرهاب في سوريا، ومن سوريا، أجندة أميركية قاسية على أحمد الشرع، وسط تباينات في تقدير عدد الأجانب بين ستة آلاف؛ وفق محللين عسكريين سوريين سابقين، وستين ألفاً كما يزعم نتانياهو، لكن الثابت أن المقاتلين من الإيغور والطاجيك والشيشان على استعداد لمحاربة هيئة تحرير الشام، لا بل الانضمام إلى "داعش"، إذا سار أحمد الشرع نحو توقيع اتفاق انضمام سوريا إلى تحالف 82 دولة لمحاربة الإرهاب، أو إذا سوَّلت له نفسه توقيع اتفاق أمني مع "إسرائيل" بضغط أميركي، عندها سيكون الرجل قد "انتُحِر" على يد ترامب، ولا يعني ذلك أن تعيين خليفة له قد يلجم الصراع الدموي السنِّي، بين الفكر الأشعري السوري والجماعات التكفيرية في الداخل السوري، واحتمال تمدد المعارك نحو الحدود العراقية واللبنانية.
المغامرة الانتحارية لأحمد الشرع تهدف لإرضاء أميركا ثمناً لبقائه في السلطة، وهو إذ ينتظر الحساب المؤجل من الفصائل المتمردة، مطرود من "إقليم الساحل" بعد مجزرته بحق العلويين، ومرفوض من السويداء أو ما تمت تسميته مؤخراً "جبل باشان" بعد "الفخ الأميركي - الإسرائيلي" الذي وقع فيه مع الدروز، إضافة إلى رفض إقليم "الشمال الشرقي" الكردي السير بمسألة الاندماج ضمن وزارة الدفاع نتيجة الأداء السيئ للجيش الفصائلي السوري.
سمير النشار رجل أعمال سوري، ورئيس سابق للأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، يقول إن الجيش السوري الحالي ليس اسماً على مسمَّى، بل هو مجموعات فصائلية تسيطر كل منها على منطقة، لا تخضع لأية قيادة مركزية ولا تأتمر سوى بأمر "شيخ الفصيل"، وغالبية "شيوخ وقادة الفصائل" يتبعون لتركيا.
يُضيف النشار عبر برنامج "بالمباشر"، أن المقاتلين الأجانب يحملون إيديولوجية دينية متطرفة جداً، وقدِموا إلى سوريا لتحقيق دولة الخلافة والدفاع عن أهل السُنَّة، ولا يعترفون بحدود الأوطان التي وضعتها اتفاقية سايكس بيكو، ولا بالدول ذات القوانين الوضعية والديمقراطيات الشعبية، ولا شيء يحكم سلوكهم سوى "الشريعة" وتطبيقها الحرفي وفق الكتب والمراجع التي يستندون إليها.
هنا يأتي الدور التركي، الذي لا مفرَّ منه في حال "تورَّط" أحمد الشرع في اتفاقية مكافحة الإرهاب، لأن تركيا رفضت عام 2015 الانضمام للتحالف الدولي لمحاربة "داعش" الذي أُّعلِن من مدينة جدة السعودية، وفي حال ارتضت تركيا حالياً القيام بدور شرطي الانضباط في سوريا، والتخلي عن الفصائل التي تتبناها مالياً وعسكرياً فهي ستبسط نفوذها من الشمال إلى الوسط وصولاً إلى العاصمة دمشق، مع توافق إسرائيلي - أميركي مشروط، وفي حال رفضت تركيا ضرب مُن أدخلتهم عبر أراضيها إلى سوريا دون قبض الثمن جغرافياً، فإن "إقليم حلب" قد حُسِمَ لها لجذبها وإرضائها، وتنتهي مقامرة أحمد الشرع بمصير سوريا إلى قيام "دولة بني أمية" بين أطراف حماه وتدمر ودمشق، حيث مؤشرات المعارك البينية السُنية قد بدأت.
هل يؤسس بيان "الحزب" والقصف "الإسرائيلي" للمفاوضات المباشرة؟ _ د. نسيب حطيط
قراءة في الكتاب المفتوح من حزب الله: تحرّكوا قبل فوات الأوان
المقاومة في مواجهة الانهزام والعمالة والأعداء ــ د. نسيب حطيط