الشرع إلى واشنطن لمحاربة "الجولاني" ــ أمين أبوراشد

الأربعاء 05 تشرين الثاني , 2025 10:11 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في زيارة هي الأولى لرئيس سوري إلى البيت الأبيض، أعلن وزير الخارجية اسعد الشيباني، أن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع سيتوجه إلى واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، لبحث رفع ما تبقّى من عقوبات على بلاده، وإعادة الإعمار، ومكافحة الإرهاب.

وللمفارقة، فإن أحمد الشرع الذي ستتحالف معه أميركا لمكافحة الإرهاب، هو الأوحد في التاريخ المعاصر، الذي مارس إرهاب الأفراد وإرهاب الدولة؛ إرهاب الأفراد مع داعش في العراق، ومع النصرة في سوريا، وإرهاب الدولة عبر مجازر هيئة تحرير الشام تحت راية وزارة الدفاع السورية في الساحل والسويداء.

نحن لسنا بوارد مناقشة السياسة الأميركية بما تحويه من عجائب وغرائب؛ عندما تدعو الى البيت البيضاوي مَن رصدت سابقاً عشرة ملايين دولار لمَن يرشدها إليه، ولا نحن بصدد البحث في تاريخ دولة بُنيت على عظام الهنود الحمر، لتغدو اليوم من دعاة ريادة الديمقراطية في العالم أينما تشاء، ومُحارِبَةً للإرهاب متى تشاء، والدولة الأولى في ممارسة إرهاب الدولة عبر العالم في أي وقت تشاء.

أميركا تستدعي اليوم أحد قادة الإرهاب؛ داعشي أسبق، و"نصرتي" سابق، لتتعاون معه في مكافحة إرهاب داعش والنصرة، ما قد يسبب له إحراجاً: من أين يبدأ المكافحة؟ هل يبدأ بمدرسته الابتدائية التي هي داعش؟ أم بمدرسته التكميلية التي هي النصرة؟ وبمَن سيكافح الإرهاب وهو على أكتاف الإرهابيين قد دخل دمشق والقصر الرئاسي السوري؟

هناك خلاف في تعريف الإرهاب، إلى حدود فقدان القِيَم في هذا العالم، عندما تمارس ربيبة أميركا؛ "إسرائيل"، أشنع جرائم العصر بحق أهل الأرض، تحت عنوان دولة ديمقراطية تحارب الإرهاب، أو عندما يبطش أحمد الشرع - الجامع لمجد الإرهاب من طرفيه - بشرائح من شعبه عبر تكفيرهم وتهجيرهم وقتلهم، وليس مستغرباً أن يلتقي الإرهاب بالإرهاب في غرفة سوداء بالبيت الأبيض لمحاربة الإرهاب.

يعتقد الرئيس أحمد الشرع أن خلعه بذلة الجولاني وارتداء ربطة العنق، سيجعل صورته أمام العالم أجمل، وأنه الرجل "الكيوت" المناهض للإرهاب، وإذا كانت ربطة العنق سوف تُزيِّن شبوبيته وتضفي عليه هالة الرئيس، وتحميه من "تقريع" ترامب؛ كما حصل مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي، فإن الهندام ليس بذات أهمية مادام الشرع يحمل صفة "مُستدعَى" للوقوف بحضرة "حاكم العالم"؛ اعتقاداً منه أن مفتاح حُكم دمشق هو فقط في البيت الأبيض.

الواقع الصادم أن الشرع نفسه هو مفتاح من عدة مفاتيح تستخدمها أميركا في سوريا ولبنان والشرق الأوسط، وإذا كان الشرع قد وقع سابقاً في الفخ بهجومه على السويداء؛ كما اعترف وزير خارجيته، فإن هذا الفخ نصبه له ترامب عند لقائه به في السعودية، واعتقد يومها أن تطويع الدروز في الجنوب كما تطويع العلويين في الساحل، وكانت النتيجة أن التقسيم والفدرلة والانفصال عن سوريا جاء من الجنوب الدرزي بدعم "إسرائيلي" بدل أن يأتي من الأكراد في الشمال الشرقي، لأن الأكراد ليسوا على عجلة من أمرهم، لأنهم يتمتعون أصلاً بالحكم الذاتي، مع موارد هائلة تُغني كل سوريا، وتغنيهم عن سوريا.

الجديد الذي يواكب رحلة "السندباد" أحمد الشرع إلى واشنطن هي إدلب، إدلب التي تقوم القيامة فيها على الشرع وانقلابه على "مبادئ دولة الخلافة" وانفتاحه على "الكُفَّار"، بما يعني أن علم "الدولة الإسلامية" الذي رفعته إدلب منذ أيام بدلاً من علم "ثورة الجولاني"، سيكون راية التحذير لأحمد الشرع قبل وخلال وبعد توقيعه على وثيقة التحالف ضمن 80 دولة لمكافحة الإرهاب، والإرهاب بالمفهوم الأميركي هو محاربة كل مَن يقول لا لأميركا، حتى ولو بدأ أحمد الشرع بحلفاء الأمس من التنظيمات الرافضة لقيام دولة مدنية علمانية في سوريا، ومن بينها شرائح تكفيرية من هيئة تحرير الشام التي كان يقودها "أبو محمد الجولاني" نفسه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل