خاص الثبات
يا توم براك، قبل أن تصف لبنان بـ"الدولة الفاشلة"، كان عليك أن تتذكّر من أين أتى اسمك وأين كانت جذورك. فأنت لست ابن المشروع الأميركي، بل ابن زحلة، تلك المدينة اللبنانية الجميلة، قبل أن تغادرك أنت يوم قرّرت أن تبيع انتماءك بجواز سفر أزرق وتضع نفسك في صفّ من يحاولون محو هوية وطنك الأم.
تتحدث يا براك وكأنك المتحدث الرسمي باسم "الإدارة الأميركية للشرّ"، لا كمواطن من أصول لبنانية يفترض به أن يدافع عن الحقيقة. وكأنك تحاول أن تثبت ولاءك لتلك الإدارة عبر المزايدة على وطنك الأصلي، ظنًّا منك أن الإساءة إلى لبنان ترفع من قيمتك السياسية أو تمنحك بطاقة عبور إلى دوائر النفوذ. لكنك نسيت أن من يزايد على أمه لا يحظى بالاحترام لا في بيته ولا خارجه.
إن تصريحاتك الأخيرة لا تعبّر إلا عن عقدة التجنيس التي يعيشها كل من فقد البوصلة الأخلاقية. المجنسون مثلك غالبًا ما يحاولون تعويض شعور النقص بالولاء الأعمى لمن منحهم الجنسية، فيتطاولون على الأوطان التي أنجبتهم ظنًّا منهم أن الهجوم على الأصل يثبت الولاء للبديل. لكن الفرق بين لبنان والولايات المتحدة أن لبنان يمنح أبناءه تاريخًا وهوية وكرامة، بينما أنتم تلهثون خلف هوية مصنوعة على مقاس المصالح.
لبنان يا سيد براك ليس دولة فاشلة، بل دولة واجهت الفشل العالمي في ردع الاحتلال. لبنان الذي تصفه بالعجز هو نفسه الذي وقف وحده في وجه أعتى آلة حربية في الشرق، وهو نفسه الذي أنجب مقاومة كسرت أنف جيشٍ ادّعت دولتك حمايته. أما الفشل الحقيقي فهو فشل دولتك في ردع العدوان، وفشلك أنت في أداء الدور الذي أوكل إليك كوسيط وضامن.
أنتم من فشلتم في حفظ أرواح المدنيين في الجنوب، أنتم من فشلتم في وقف المجازر اليومية على أرض لبنان وفلسطين، وأنتم من اختار الصمت أمام آلة القتل الصهيونية. فبأي حق تتحدث عن الفشل وأنت من صنعه وساهم في تغطيته؟
إن لبنان الذي منح العالم الأبجدية لا يحتاج شهادة حسن سلوك من مجنّسٍ يبحث عن موقع في إدارةٍ تلطخت أيديها بدماء الأبرياء. نحن نعرف تمامًا أن صوتك ليس سوى صدى لسياساتٍ فاشلة تحاول أن تلقي بفشلها على الآخرين.
من هنا نقولها بوضوح: على الحكومة اللبنانية أن ترفض استقبال براك وأمثاله. فلبنان لا يفتح بابه لمن فقد انتماءه، ولا يصافح من يهاجم كرامته. وإن كان حريصًا حقًا على "استقرار لبنان"، فليبدأ بمطالبة دولته بوقف تسليح العدو الذي يقتل اللبنانيين، وليطالبها بدعم الجيش اللبناني لا محاصرته.
وليعلم براك أن لبنان الذي أنجب حضارة الألف الخامس قبل الميلاد لن يهتزّ من تصريح عابر من مجنّسٍ تائه بين هويته القديمة وأوهامه الجديدة. فالتاريخ لا يكتبه من يبدّل انتماءه، بل من يبقى مخلصًا لأرضه مهما اشتدت العواصف.
أما أنت يا براك، فابقَ حيث أنت، في صفّ إدارةٍ تتقن لغة الدمار. فلبنان لا مكان فيه للفاشلين، ولا احترام فيه لمن خان أصله وظنّ أن الجنسية الأميركية تمنحه مجدًا.
لبنان سيبقى الرسالة، وسيبقى منارةً في وجه الظلام، شاء من شاء وأبى من أبى.
لبنان بين ثلاث وساطات.. هل تستعيد مصر دورها؟ ــ د. ليلى نقولا
"إسرائيل" تتوسّع خارجيًا... وتتآكل من الداخل ــ د. نسيب حطيط
كارثة كهربائية تضرب السوريين... رفع الدعم عن القطاع الخدمي برمته _ حسان الحسن