هل يؤسس بيان "الحزب" والقصف "الإسرائيلي" للمفاوضات المباشرة؟ _ د. نسيب حطيط

الجمعة 07 تشرين الثاني , 2025 01:56 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
أحدث بيان حزب الله منعطفًا حاسمًا على الأصعدة السياسية والميدانية والنفسية، رغم لهجته الهادئة التي أوضحت موقف المقاومة الرافض لقرار نزع السلاح، واصفة إياه بالخطيئة، وكذلك موقفها من المفاوضات إذا كانت مجرّدة من أوراق القوة اللازمة لفرض الشروط، أو تقليل الخسائر، أو تحقيق المطالب ويأتي هذا البيان قبيل الذكرى السنوية الأولى لاتفاق تشرين 'المشؤوم'، الذي لم تلتزم به "إسرائيل" ولا أمريكا ولا القوات الدولية ولا الجيش اللبناني الذي كان أسيرًا للقرار السياسي، مما اضطره إلى تفكيك صواريخ المقاومة وعتادها، وإخلاء مواقعه بطلب "إسرائيلي"، وعجزه عن إطلاق رصاصة أو منع توغل "إسرائيلي".
يمكن اعتبار يوم ٦ تشرين الثاني 2025 يومًا مفصليًا في الحرب "الإسرائيلية" على لبنان، وتأسيسًا لمرحلة جديدة تنهي عام الاستباحة "الإسرائيلية" والعداء الرسمي والطائفي والحزبي للمقاومة، وقد برزت أربعة أمور مهمة في ساحة الصراع على النحو التالي:
- إعلان المقاومة رسميًا حقها في المقاومة بمعزل عن القرارات الحكومية وحصرية السلاح بيد الدولة، متمسكة بالشرعية العليا التي تتجاوز القرارات الحكومية، استنادًا إلى حق الإنسان في الدفاع عن النفس والقوانين الدولية المعطَّلة، وفي مقدمتها قرارات الأمم المتحدة التي يخالفها لبنان رغم توقيعه عليها ضمن إطار الأمم المتحدة التي تكفل حق الشعوب في تحرير أرضها وطرد المحتلين.
-  ظهور الحكومة اللبنانية كطرف هامشي في الحرب بين "إسرائيل" والمقاومة، وهي حكومة غير مسؤولة عن جيشها الذي رفض ضباطه إخلاء ثكناتهم، متزامنًا مع اجتماع الحكومة لمناقشة قانون الانتخابات والتعيينات الإدارية، وبذلك ظهرت حكومة تركيزها على التوظيفات والانتخابات والمحاصصة، لا حكومة راعية ومسؤولة عن شعبها وجيشها، حيث تتدخل في الصراع، فتصدر قرارًا بنزع سلاح المقاومة وتمنع إعادة الإعمار، لتصبح بذلك حكومة 'محاصرة المقاومة'.
- ظهور نتائج الفشل الأمريكي - "الإسرائيلي" في لبنان، رغم كل نقاط القوة التي امتلكوها وحققوها خلال العام الماضي على المستويات الميدانية والسياسية في سوريا وغزة والعالم العربي وتعميم "اتفاقات إبراهام" وحشد العالم ضد حركات المقاومة، وتمكّنت المقاومة ببيانها من تكذيب الادعاءات "الإسرائيلية" بالقضاء عليها وإنهاء التهديد الذي تشكله، وذلك بعد 50 عامًا من التخويف في شمال فلسطين هذا النجاح سيؤدي إلى تداعيات داخلية في "إسرائيل" ولدى سكان المستوطنات على الحدود اللبنانية، وسيمنع "إسرائيل" من جني المكاسب السياسية لعمليات الاغتيال والقصف التي نفذتها على مدار العام الماضي، واعترافها ببقاء المقاومة حية وقادرة على إثارة قلق "إسرائيل" وتخويفها، بالتزامن مع ذلك، محاولة "إسرائيل" تضخيم قدرات المقاومة، لحشد الرأي العام العالمي ضدها وتبرير توحشها في أي حرب مستقبلية.
- أسّس بيان المقاومة والقصف "الإسرائيلي" اللاحق، مرحلة جديدة لتحديد الأطراف المتصارعة بوضوح ("إسرائيل" والمقاومة)، مما أخرج الحكومة اللبنانية والوسطاء من دائرة التفاوض المباشر، وعادت الأوضاع لما حدث في مفاوضات تفاهم نيسان عام 1996 التي كانت بين المقاومة و"إسرائيل" بوساطة سورية وشراكة أمريكية. ويبدو أن المرحلة القادمة في التفاوض ستجري بين المقاومة و"إسرائيل" بوساطة مصرية وشراكة أمريكية.
يمثّل بيان المقاومة، بداية إظهار أوراق القوة التي يمتلكها لبنان وثروته الاستراتيجية المتمثّلة بالمقاومة، بهدف تحسين شروطه وتقليل خسائره وستكون أيام وشهور المفاوضات ساخنة بعض الشيء، حيث سيحاول كل طرف تحسين موقفه وترهيب الطرف الآخر وتخويفه وكانت أولى خطوات المقاومة ،إبلاغ العدو باستعادة المقاومة لعافيتها وإصدارها بيان "اللاءت الثلاث": (لا لنزع السلاح... لا للاستسلام... لا للفتنة الداخلية).
يجب دعم موقف المقاومة باحتضانها، وتقليل العتاب عليها، والصبر عليها في حال أخطأت أو قصّرت والأهم من ذلك هو بقاء أهلنا في الجنوب وعدم النزوح مهما كانت المخاطر، فهم أهل الصبر والشجاعة والصمود والنخوة. كما يجب الانتباه إلى الإشاعات وعدم تصديقها، والحفاظ على وحدة صف قوى المقاومة.
على الرغم من الخسائر البشرية والمادية، نجحت المقاومة وأهلها في كسب النقاط في العام الماضي المليء بالأحزان والدموع والخوف، وستتمكن بإذن الله من كسب معركة الصبر والصمود القادمة، واستعادة قواعد الردع، سواء استخدمت سلاحها في الميدان أو وظّفته في المفاوضات، لضمان أمن لبنان وسيادته، وأمن أهلها وعودتهم.
السلاح وسيلة للدفاع، إما بإطلاق ناره أو بحُسن استثمار مقايضته في المفاوضات... بشرط ألا نقع ضحية التحكيم المخادع مرة أخرى.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل