خاص الثبات
في توقيتٍ بالغ الدقة، داخلياً وإقليمياً، اختار حزب الله أن يوجّه كتاباً مفتوحاً إلى الرئاسات الثلاث وإلى الشعب اللبناني، حاملاً مضامين تتجاوز إطار الخطاب السياسي التقليدي إلى إنذار وطني مسؤول، يرسم حدود الصبر ويضع النقاط على الحروف في ما يتعلّق بالعدوان الصهيوني المستمرّ على لبنان، وبالسكوت الرسمي والدولي المريب تجاه ما يجري.
أولاً: توضيح حقيقة اتفاق وقف إطلاق النار
يبدأ الحزب بتفنيدٍ واضح لما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار، ولا سيّما ما يتعلّق بالعمل في منطقة جنوب الليطاني، موضحاً أنّ الاتفاق لم يمنع المقاومة من أداء دورها المشروع في حماية الأرض، بل حدّد مسؤوليات متبادلة بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة والجيش اللبناني.
ويؤكد الحزب في كتابه أنه ملتزم بالتعاون الكامل مع الجيش اللبناني، وأن وجود المقاومة في الجنوب هو في خدمة حماية لبنان لا في منافسة الدولة، بل في تكاملٍ معها.
ثانياً: العدوان تجاوز حدود الانتهاك
يشدّد حزب الله على أنّ ما يجري اليوم في الجنوب لم يعد مجرّد خروقات للسيادة أو انتهاكات محدودة، بل هو عدوانٌ موصوف يتكرّر يومياً، يستهدف المدنيين والبنية التحتية ويهدّد حياة اللبنانيين.
ويعتبر أنّ السكوت الرسمي والدولي على هذا العدوان لم يعد مبرَّراً، لأنّ الصمت هنا بات تواطؤاً على دماء الأبرياء.
فالعدو الصهيوني، كما جاء في الكتاب، يريد أن يفرض معادلات جديدة وأن يستدرج لبنان إلى موقع الضعف والتنازل.
ثالثاً: لا تفاوض من موقع ضعف
يرفض الحزب، بوضوح، أي مفاوضات سياسية مع العدو من موقع ضعف، مشيراً إلى أنّ العدو لا يريد سلاماً ولا حلولاً متوازنة، بل يسعى إلى فرض الاستسلام عبر القوة والابتزاز والضغوط الدولية.
وفي هذا الإطار، يوجّه الكتاب رسالة تحذير إلى الطبقة السياسية اللبنانية، بأنّ التهاون في مواجهة العدوان لن يحمي لبنان، بل سيغري العدو بالمزيد من التصعيد.
رابعاً: تحذير من التراخي والدعوة إلى تحرّك وطني
يؤكّد حزب الله أنّه بعد مرحلة طويلة من الصبر والتنسيق مع الدولة اللبنانية، لم يعد من الممكن القبول باستمرار هذا الواقع المأزوم.
فالسيادة لا تُصان بالبيانات، بل بالمواقف الواضحة والتحرّك الجاد لحماية الأرض والكرامة.
ومن هنا، يوجّه الحزب إنذاراً وطنياً مسؤولاً، بأنّ استمرار الاعتداءات دون ردّ أو تحرّك رسمي سيجعل الردّ المقاوم حقاً مشروعاً وواجباً وطنياً في آن.
خامساً: الرسالة الأعمق — بين التحذير والجهوزية
الكتاب المفتوح ليس مجرد بيان احتجاج، بل هو رسالة مزدوجة:
إلى الدولة اللبنانية، بأنّ المقاومة ما زالت تضع يدها بيد الجيش في حماية الوطن، لكنها لن تسكت عن القتل الممنهج.
وإلى العدو الصهيوني، بأنّ جهوزية المقاومة كاملة، وأنّ أي محاولة لاستغلال الوضع السياسي الداخلي ستُقابَل بما يردعه.
فالرسالة واضحة: لبنان ليس ساحة مستباحة، والمقاومة ليست في موقع الدفاع الكلامي، بل في موقع الاستعداد الميداني الكامل.
سادساً: في البعد الوطني للخطاب
يتميّز هذا الكتاب بكونه ليس موجّهاً لحزب الله وحده، بل لكل اللبنانيين.
فهو يدعو إلى وعيٍ جماعيٍّ وطنيٍّ في مواجهة خطرٍ وجوديٍّ، ويُحمّل جميع القوى السياسية مسؤولية المشاركة في حماية السيادة.
كما يؤكد أنّ المقاومة ليست بديلاً عن الدولة، بل رافعة من روافعها، وأنّ المعادلة الذهبية — الجيش والشعب والمقاومة — ما زالت تشكّل الضمانة الوحيدة لبقاء لبنان حراً سيّداً مستقلاً.
إنّ “الكتاب المفتوح” هو وثيقة سياسية-ميدانية تعبّر عن وعي استراتيجي في لحظةٍ خطرة من تاريخ لبنان.
فهو لا يطلب دعماً لموقفٍ حزبي، بل يستنهض الإرادة الوطنية الجامعة في مواجهة العدوان، ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
إنها رسالة تقول بوضوح:
“لقد صبرنا كثيراً، وآن الأوان لتحرّك الدولة والشعب معاً… لأنّ حماية لبنان لا تُؤجَّل.”
المقاومة في مواجهة الانهزام والعمالة والأعداء ــ د. نسيب حطيط
الشرع إلى واشنطن لمحاربة "الجولاني" ــ أمين أبوراشد
لبنان بين مبعوث الغاز الأمريكي والمنظومة السياسية الفاشلة ــ د. نسيب حطيط