الثبات-إسلاميات
في هذا اليوم المبارك، يوم الجمعة، تتنزّل الرحمات، وتُفتح أبواب السماوات، وتُستجاب الدعوات، وكأن مناد يقول: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"
وكأنّ الزمان نفسه يدعو العباد إلى العودة، إلى المصالحة مع الله، إلى تجديد العهد والرجوع بعد طول الغياب
وفي هذا الأفق الرحب من المغفرة، يتجلّى نداء ربٍّ رحيمٍ لم يزل ينادي عباده رغم تقصيرهم، ويُسمِع قلوبهم نغمة الأمل بعد طول وجعٍ ويأس: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾
يا لها من آية لو تدبّرها العاصي لبكى حتى يغسل قلبه بالدموع، ولو تذوّقها المذنب لعلم أن باب السماء لم يُغلق قطّ، وأنّ الله لم يقل "يا عبادي الذين أحسنوا" بل قال "يا عبادي الذين أسرفوا"
فنداؤه للبعيد قبل القريب، وللمُثقَل بالذنوب قبل المنيب التائب إنّ رحمة الله لا تُقاس بذنوب العباد، ولا تُحجَب بخطايا السنين، فهو سبحانه الذي قال في الحديث القدسي: ((يا ابنَ آدم، لو بلغت ذنوبُك عَنانَ السماءِ، ثم استغفرتَني، غفرتُ لك ولا أُبالي)) (رواه الترمذي).
ويوم الجمعة هو يوم عظيم الشأن لله فيه نفحات فهو فرصة لأن يطوي الإنسان صفحة ذنوبه، ويبدأ مع الله صفحةً جديدة؛ ففيه ساعةٌ لا يُوافقها عبدٌ يسأل ربَّه خيرًا إلا أعطاه، كما قال ﷺ فكيف لا تكون هذه الساعة فرصةَ المغفرة والتوبة والرجوع؟
أيها القلب المرهق، إن كنتَ قد أغلقتَ أبواب الرجاء، فافتحها اليوم؛ إن كنتَ قد أبكيتَ نفسك من الذنب، فابكِ أمام الله، لا عليه؛ وإن كنتَ قد أسرفت، فتذكّر أن الله قال: "يغفر الذنوب جميعًا" ولم يستثنِ ذنبًا دون ذنب
فلتكن نفحة هذا الجمعة نفحةَ أملٍ، وغسلةَ قلبٍ، وخطوةَ عودةٍ إلى الله؛ فإنّ الله أفرحُ بتوبة عبده من رجلٍ أضلّ راحلته في فلاةٍ ثم وجدها بعد اليأس
فعدْ إليه... ودعْ الجمعة تشهد أنك سمعت النداء، فلبّيت.
في رحاب سورة الكهف
إذ نادى... فاستجاب الرحمن
جانب الرحمة في شخصية النبيﷺ