جانب الرحمة في شخصية النبيﷺ

الجمعة 24 تشرين الأول , 2025 04:45 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات-إسلاميات

  الرحمة ليست خُلُقًا عابرًا في سيرة النبي ﷺ، بل هي جوهر شخصيته، وسرّ عظمته، وأُسّ رسالته

كان ﷺ رحمة تمشي على الأرض، يعيش بين الناس لا ليفرض سلطانه، بل ليبثّ فيهم روح العطف واللين، ويعيد إلى القلوب المرهفة معناها الإنساني الأصيل  قال الله تعالى في وصفه الجامع:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾

 فلم يكن ﷺ رحمةً للمؤمنين فحسب، بل للعالمين جميعًا؛ للمؤمن والكافر، للإنسان والحيوان، للصغير والكبير، للمظلوم والجاهل والمخطئ، إذ وسعت رحمته كلّ حيّ

  كان إذا رأى طفلًا حمله وضمّه إلى صدره، وإذا سمع بكاء صغيرٍ في الصلاة خفّفها رأفةً بأمّه قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما ضرب رسول الله ﷺ شيئًا قط بيده، لا امرأةً ولا خادمًا، إلا أن يُجاهد في سبيل الله."

 فكانت رحمته خلقًا ثابتًا لا يتبدّل في بيتٍ ولا في ميدان

  ورأف ﷺ حتى بمن آذاه، فعندما أُوذي في الطائف وأُدمِيَت قدماه، لم يدعُ على قومه، بل قال: ((اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون)

وهذا الموقف وحده كافٍ ليدرك العالم أن الرحمة ليست ضعفًا، بل سموًّا يعلو فوق الأذى، ورفقًا لا يعرف الحقد

 وفي معاملته لأصحابه، كان قريبًا من القلوب، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ويقول: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى))

بهذه الروح بنى مجتمعًا متماسكًا على المحبة والتكافل، لا على القهر والسلطة  لقد امتدت رحمته حتى إلى الحيوان، فقال ﷺ: ((في كل كبدٍ رطبةٍ أجر))

 ونهى عن تعذيب الطير أو قتل الحيوان بغير حق، حتى قال عن امرأة حبست هِرّة: ((  دخَلَتِ امرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ، ربَطَتْها، فلَمْ تُطْعِمْها، ولَـمْ تَسْقِها، ولَـمْ تُرْسِلْها فتَأْكُلَ مِن خَشَاشِ الأَرْضِ))

 ولم تكن رحمته ﷺ ضعفًا في الموقف، بل كانت قوةً تضبط الغضب، وحكمةً توجّه العاطفة، وعدلًا يوازن بين القلب والعقل

 ومن رحمته أنه لم ييأس من الناس، بل آمن أن في كل إنسان بذرة خير تستحق أن تُسقى بلطف الدعوة قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾

  هكذا كان النبي ﷺ، رحمةً تفيض على الوجود، لسانُه صدق، ويده عطاء، وقلبه حنان عاش بالرحمة، ودعا بها، وانتقل إلى الرفيق الأعلى وقلْبه الرحيم معلّقٌ  بأمّته ﷺ


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل