الثبات-إسلاميات
يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾
الصلاة ليست مجرّد حركات متكرّرة، ولا ألفاظ تُتلى على اللسان ثم تتبخّر في الهواء؛ إنما هي لقاء عظيم بين العبد وربّه، ووقوف في حضرة الملك جلّ جلاله
ومن عظمة شأنها أن الله تعالى نهى عباده قديمًا أن يقربوا الصلاة في حال السكر، والعلّة واضحة: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾
فإذا كان السكران منهيًّا عن الصلاة لأنه لا يعي ما ينطق، فما بال من يصلّي اليوم بعقل حاضر لكن قلبه غائب، ولسانه يجري بما لا يفقه، وجوارحه تؤدّي بلا حضور ولا خشوع؟!
أليس حاله كحال ذاك الذي لا يعلم ما يقول؟
إن الخشوع هو روح الصلاة، به تصفو العبادة وتكتمل، وهو علامة الإيمان الحيّ قال تعالى في أوّل صفات المؤمنين: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾
فالمصلّي الحقّ يشهد ما يقرأ، ويتذوّق معاني ما يتلو؛ فإذا قال: {الحمد لله ربّ العالمين} استحضر نعم الله وعظمته، وإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} جدد عهد العبودية وطلب العون، وإذا ركع وسجد أحسّ بذلّته بين يدي الجليل
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها))
فما قيمة صلاة لا يعلم صاحبها ماذا قرأ، ولا ماذا دعا، بل سرعان ما يخرج منها كما دخل إليها؟! فلنجعل صلاتنا حضورًا وشهودًا: حضور قلب بين يدي الله، وشهودًا للمعاني التي ننطق بها، حينها فقط تتحوّل الصلاة من عادة إلى عبادة، ومن حركات إلى معراجٍ للروح يرفعها إلى مقام القرب.