إلى مي شدياق... عباءة "الحقد" أثقل من التشادور!

الأربعاء 01 تشرين الأول , 2025 11:37 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في أحدث تصريح مستفز ومليء بالدونية الثقافية، خرجت مي شدياق لتقول إن "الحزب يعطي رواتب للواتي يرتدين الشادور"، في إشارة واضحة إلى حزب الله والنساء المحجبات ضمن بيئته.

هذا الكلام، لا يمكن اعتباره مجرّد زلّة لسان، بل هو تلخيص فجّ لذهنيّة استعلائية متجذّرة، تتعامل مع الطائفة الشيعية وعاداتها على أنها "دونية" أو "مدفوعة الثمن".

ولكن لنتوقف قليلاً. من هي مي شدياق لتصدر هذا النوع من الأحكام؟

دكتورة جامعية؟ وزيرة إعلام سابقة؟ رئيسة لمؤسسة فكرية؟ أم مجرّد بوق لثقافة ترى في "التشادور" رمزاً للتبعية، بينما تُغدق المديح على الراهبات في الفاتيكان وتعتبر العفاف المسيحي "رسالة سماوية"؟ أليس ارتداء الراهبات للثوب الأسود والزهد عن الحياة يُكافَأ برعاية الكنيسة واحتضان الفاتيكان؟ فهل يتجرأ أحد على القول إن الفاتيكان "يدفع للراهبات" ليبقين في الدير؟

عباءة الحقد لا تغطّي الجهل

التشادور، أو العباءة، أو الجلباب، ليست لباس حزب، بل تقليد ثقافي وديني منتشر من إيران إلى العراق إلى السعودية التي لا تخفي مي شدياق إعجابها بها، بل و"ودّها" لريالاتها. فلماذا تُقبل العباءة عندما تأتي من الرياض وتُحتقَر عندما تأتي من الضاحية؟

المشكلة ليست في "التشادور" يا مي، بل في المكان الذي يُرتدى فيه، والطائفة التي ترتديه. فلو كانت هذه العباءة على امرأة من علية القوم في الخليج، أو إعلامية في قناة سعودية، لكانت في نظرك "رمزاً للحياء والرقيّ والذوق الشرقي".

مي شدياق لم تهاجم الحزب، بل أهانت شريحة واسعة من النساء اللبنانيات، وأظهرت جهلاً عميقاً بالتنوع الثقافي والديني في بلدها. وإن كانت لا تحتمل مشهد العباءة في الضاحية، فربما عليها أن تراجع تعريفها لـ"الحرية الشخصية"، أو أن تبدأ بانتقاد الراهبات في الفاتيكان... ولكن بالطبع، هذا لن يحدث، فهناك، "المال المقدس"، وهنا، "المال الإيراني"، أليس كذلك؟

لكن في النهاية، العباءة تبقى رمزا للكرامة، سواء ارتدتها امرأة في النجف أو في القطيف أو في بعلبك. أما الكراهية، فلا تليق إلا بمن يرتديها كعباءة فكرية تُعمي البصيرة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل