أقلام الثبات
بعد أن قصفت "إسرائيل" حليفتها العربية الأولى قطر، شنت هجوماً على السعودية والعرب الذين حاصروا المقاومة وفتحوا أبوابهم "لإسرائيل" وأمريكا، وأعانوها في مشروعها التلمودي لإقامة "إسرائيل الكبرى". فشن وزير المالية الإسرائيلي بسلئيل سموتريش هجوماً مليئاً بالاستهزاء والسخرية والتنمر على السعودية، قائلاً: "إذا عرضت علينا السعودية التطبيع مقابل دولة فلسطينية... فأقول: لا شكراً، استمروا أنتم في ركوب الجمال في الصحراء، أما نحن في إسرائيل فسوف نواصل التطور، نبني اقتصاداً ومجتمعاً ودولة، ونفعل الأشياء العظيمة التي نعرف كيف نقوم بها".
هذا الاستهزاء "الإسرائيلي" بالسعودية، التي تتزعم العالم العربي حالياً، وإعلان الوزير الصهيوني عن الفجوة الكبيرة بين السعوديين (الذين يركبون الجمال في الصحراء) و"إسرائيل" العظيمة المتطورة كدولة ومجتمع واقتصاد، يعني أن أي علاقة بين "إسرائيل" والسعودية تحكمها، قاعدتان أساسيتان:
- القاعدة الأولى: "إسرائيل" لا تقبل التطبيع بشروط، وقد تقبل "إسرائيل" كمِنّة تقدمها للعرب، أن يتزاوج المال العربي مع العقل "الإسرائيلي"، شرط أن تكون العصمة للعقل "الإسرائيلي".
- القاعدة الثانية: العلاقات بين العرب و"إسرائيل" لا تحكمها الندّية والمساواة والتكافؤ، بل تحكمها الفوارق الدينية تحت شعار "اليهود شعب الله المختار"، وأن العرب هم من "الأغيار" والعبيد الذين يخدمون اليهود، وهذا ليس تكريماً "لإسرائيل" بل هو واجب عليهم.
إذا كانت السعودية، بما تملكه من أموال ونفط وزعامة، لم تستطع فرض شروطها على العدو "الإسرائيلي" مقابل التطبيع، وتعرّضت للإهانة والاستهزاء والسخرية من العدو "الإسرائيلي"، دون خوف من أي ردة فعل سعودية أو عواقب أو خسائر، وضمان أنها لن تتلقى أي عقوبة أو قصاص، وأن كل ما سيحدث هو إصدار بيان استنكار يذهب مع الرياح؛ فذلك لأن السعودية لم تستخدم قوتها العسكرية والمالية والدينية ضد العدو، ولم توظفها في المكان الصحيح، واختارت طريق "السلام" الأمريكي القائم على القوة والتهديد والابتزاز، فخسرت بذلك معنوياتها وسيادتها. ونطرح سؤالين جوهريين:
الأول: إذا كانت السعودية لم تستطع فرض شروطها على العدو "الإسرائيلي"، لعدم استخدامها القوة، فكيف للبنان الضعيف الذي تخلى عن قوته "سلاح المقاومة ووحدته الوطنية" والذهاب إلى المفاوضات دون امتلاك أوراق القوة والضغط؛ فكيف يمكن تحقيق نتائج إيجابية في هذه الحالة؟
وهل يعقل أن تتصرف "إسرائيل" باستهزاء مع اللبنانيين، كما قد تسخر من السعوديين بدعوتهم للعودة إلى ركوب الجمال، فتقول للبنانيين الضعفاء: اذهبوا لإعداد الفلافل والتبولة؟
السؤال الثاني: ماذا لو كانت الجهة التي أدلت بهذا التصريح مسؤولاً عربياً أو إسلامياً أو لبنانياً؟ لسارعت الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي للاجتماع، ناهيك عن العشائر العربية للمطالبة بالثأر ومعاقبة المُصرِّح!
ندين ونستنكر تصريحات الوزير "الإسرائيلي"، ونتضامن مع أشقائنا السعوديين، وكل عربي أو مسلم يتعرض للإهانة والشتيمة، وندعوهم إلى مراجعة مواقفهم وتقييمهم للأوضاع، وأن يعيدوا تجميع قوتهم وكلمتهم لمواجهة عدوهم الذي اغتصب القدس؛ أولى القبلتين، وشرّد شعباً فلسطينياً واحتل أرضاً عربية ولا يزال يتقدم، كما ندعوهم إلى المبادرة بوقف الحروب الداخلية في الأمة، فيُصالحوا اليمن ويرفعوا الحصار عن المقاومة في لبنان، ويدعموا المقاومة في فلسطين؛ فهذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يمكن فرض شرط عليه إلا بها، لأنه بنى دولته على القوة واغتصاب الأرض والتوحش، ولا يعترف بالقوانين الدولية ولا بالقيم الأخلاقية والإنسانية، ولا يعرف الوفاء أو رد الجميل.
فهل سيتعلم اللبنانيون من تصريح سيموريش ولا يهرولون للتفاوض وهم مجردون من قوة المقاومة؟
وقد أهان واحتقر رئيس مجلس الأمن القومي "الإسرائيلي"؛ الجنرال غيورا آيلند، الكتائب في لبنان بالقول: "الكتائب فاشيون وعنصريون، تنظيم جبان وخائن".
العدو "الإسرائيلي" لا يحترم الضعفاء، ولا يتنازل أو يلبي إلا شروط الأقوياء.. إن لم تقاتلوا كأنظمة ودول، فاستثمروا قتال حركات المقاومة التي استطاعت أن تفرض شروطها واحترامها على العدو مرات عديدة، وستعود رغم الحصار والضربات القاتلة... وإن استشهدت، فتبقى عزيزة غير ذليلة لا يتطاول عليها أحد.
"إسرائيل" للسعودية: "التطبيع بلا شروط".. أو استمروا بركوب الجمال ــ د. نسيب حطيط
الجمعة 24 تشرين الأول , 2025 10:48 توقيت بيروت
أقلام الثبات
"تيار التطبيع"...ومهمة نزع عقيدة المقاومة وسلاحها _ د. نسيب حطيط
هل تكرّر "القوات" مؤامرة الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان عام 1982؟ _ د. نسيب حطيط
بين حضارة الإسلام وتاريخ العمالة… يضيع صوت فادي كرم
نتائج لقاء ترامب - الجولاني: تغيير هوية "السلطة في دمشق"... واستخدام الأراضي السورية لضرب إيران _ حسان الحسن