إيران تدخل مرحلة جديدة: من الصبر الاستراتيجي إلى المواجهة المفتوحة

الأربعاء 22 تشرين الأول , 2025 12:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في تطور لافت يعكس تحوّلاً جوهرياً في استراتيجية الجمهورية الإسلامية، جاءت تصريحات قائد الثورة الإسلامية، الإمام السيد علي الخامنئي، لتشكل نقطة مفصلية في مسار المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الإسرائيلي. فالإمام الخامنئي، وهو صاحب القرار الأعلى في البلاد، أطلق مواقف شديدة اللهجة، لتؤكد أن إيران لم تعد في موقع المدافع أو المنتظر، بل أصبحت في قلب معادلة الاشتباك السياسي والعسكري المباشر.

في خطابه الأخير، وجه السيد الخامنئي انتقاداً لاذعاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وللسياسات الأمريكية المتغطرسة، متسائلاً: "من أنتم حتى تقرروا ما يحق لإيران امتلاكه من قدرات نووية؟ ومن خولكم التدخل في شؤون منطقتنا؟" في كلمات تُظهر مدى الرفض الإيراني القاطع لأي وصاية خارجية، خاصة تلك التي تمارسها واشنطن بغطاء دبلوماسي تارة، وعبر العقوبات والحصار تارة أخرى.

لكن اللافت في حديث السيد الخامنئي، ليس فقط حدّة النبرة، بل ما تحمله من دلالات استراتيجية. فالهجوم المباشر على السياسات الأمريكية، ووصفها بأنها مصدر الإرهاب والفوضى في الشرق الأوسط، يعكس إدراكاً إيرانياً بأن مرحلة التريث والصبر قد طُويت، وأن المواجهة الفكرية والسياسية باتت ضرورية لتعرية النفاق الغربي، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

فعندما سخر الإمام الخامنئي من حديث ترامب عن محاربة الإرهاب والسلام، متسائلاً عمّا إذا كان قتل آلاف الأطفال في غزة يُعتبر محاربة للإرهاب، فهو لا يهاجم شخصاً بعينه، بل يكشف جوهر السياسات الأمريكية المنحازة، ويضع إصبعه على الجرح العربي والإسلامي، الذي يتمثل في الصمت المخزي لبعض الأنظمة تجاه الجرائم الصهيونية.

التصريحات تزامنت أيضاً مع إعلان إيراني حاسم عن إلغاء اتفاق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما أعلنه علي لاريجاني، رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، كرد مباشر على العقوبات الغربية الجديدة، والتي فُرضت بذريعة انتهاء مدة الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي تخلّت عنه إدارة ترامب بشكل أحادي في 2017. هذه الخطوة الإيرانية لم تكن عشوائية، بل هي رسالة قوية بأن طهران لن تظل رهينة لاتفاقات لا تلتزم بها الأطراف الأخرى.

وختام تصريحات الإمام الخامنئي كان بمثابة خلاصة الموقف الإيراني الجديد، عندما قال إن "الغطرسة الأمريكية قد تنجح مع بعض الحكومات، لكنها ستتحطم أمام وعي الشعب الإيراني وصلابته". هذا التأكيد لا يحمل فقط موقفاً شعبياً داخلياً، بل يوحي بأن إيران ماضية في بناء نموذج مقاوم مستقل، قادر على التحدي، مستند إلى دعم جماهيري عميق، وثقة بالنفس نابعة من صمود طويل وتجارب متراكمة.

في المحصلة، إيران اليوم لا تشبه إيران الأمس. فبعد سنوات من الصبر وضبط النفس، باتت تتحدث بلغة مختلفة، لغة، المتأهب لكل الاحتمالات. والرسالة وصلت: من يريد فرض إرادته على طهران، عليه أن يعيد حساباته، فهذه الجمهورية لم تعد تقف عند حدود الدفاع، بل تخطت نحو مرحلة الفعل والمبادرة، مع احتفاظها بالقدرة على الردع، والرد، والقرار المستقل.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل