"السلام بالقوة"... الكنيست يوافق على ضم الضفة الغربية ــ د. نسيب حطيط

الخميس 23 تشرين الأول , 2025 09:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تواصل "إسرائيل" والولايات المتحدة تقديم الأدلة للمهرولين نحو السلام والذين يسعون لنزع سلاح المقاومة والقضاء على أي فكر تحرري مقاوم، فبعد إبادة غزة وتدميرها، والعمل على إسقاط سلطة حماس، وتعيين هيئة استعمارية لإدارة القطاع بثنائية أمريكية - بريطانية، لمحو هويتها  الفلسطينية، وإجهاض مشروع الدولة الفلسطينية وحل الدولتين، تستعد "إسرائيل" لحرب أخرى ضد فلسطين وشعبها، وحتى ضد السلطة الفلسطينية الهشّة والتابعة للاحتلال، فقد صوّت الكنيست "الإسرائيلي"، بالتزامن مع وصول نائب الرئيس الأمريكي، على إعادة ضم الضفة الغربية إلى السيادة "الإسرائيلية"، ما يعني إلغاء اتفاقيات "أوسلو" وكل وعود حل الدولتين.
نذكّر هؤلاء الذين يسعون وراء السلام الوهمي والازدهار المخادع، بأن "إسرائيل" وأمريكا لا تلتزمان بأي اتفاق أو عهد، فهما لا تريدان السلام لأحد، بل تريدان الاستسلام والخضوع والاستعباد، فمن استسلم طواعية عاش عبداً، ومن لم يستسلم فسيلقى الحرب والحصار، لإجباره على الاستسلام وإعلان ولائه، وإلا فمصيره القتل والإبادة والتدمير... ونسأل هؤلاء الأغبياء أو العملاء: ماذا فعلت "إسرائيل" وأمريكا بعد توقيع اتفاقيات التطبيع والسلام؟
-  بعد 30 عاماً من توقيع اتفاقية أوسلو والتعهد بإعلان الدولة الفلسطينية، عادت "إسرائيل" لإبادة غزة، وأعادت استعمارها، وصوتت على إعادة ضم الضفة الغربية، لتنهي 30 عاماً من الكذب والوعود وإسقاط الدولة الفلسطينية بالتصويت في الكنيست والإبادة في غزة.
- أسقطت "إسرائيل" اتفاقية "فض الاشتباك" مع سوريا الموقعة عام 1974، واحتلت الجولان، واعترف ترامب بسيادة "إسرائيل" عليها، وهي تحتل الجنوب السوري وتعلنه ضمن السيادة "الإسرائيلية".
-  وقعت "إسرائيل" اتفاق وقف النار مع لبنان عام 2006 وصدر القرار 1701 المشؤوم، ووقعت اتفاق وقف النار في تشرين الثاني 2024، لكنها لم تلتزم بأي قرار، وعادت لاحتلال قرى الجنوب، مع انتهاك للسيادة اللبنانية براً وجواً وبحراً.
-  وقعت أمريكا الاتفاق النووي مع إيران بحضور أوروبي وروسي، لكنها تراجعت عنه وألغته من طرف واحد.
أعلن ترامب أنه سيعتمد استراتيجية السلام التي تُفرض بالقوة وتتناقض مع السلام القائم على القوانين والعدالة الإنسانية وصون حقوق المظلومين الذين سلبت أمريكا و"إسرائيل" حقوقهم.
 عندما كان للعرب قوة، عرضت إسرائيل "الأرض مقابل السلام"، وعندما ضَعفوا ، تحولت "إسرائيل" إلى المطالبة بـ"السلام مقابل السلام"، ومع تزايد ضعف العرب وتطبيعهم، أصبحت المعادلة هي: "السلام مقابل الازدهار الاقتصادي المظلِّل"، وعندما ضَعُفوا أكثر  وانحازوا إلى العدو "الإسرائيلي" والمشروع الأمريكي، تحوّلت المعادلة إلى "السلام بالقوة" عبر الضغط، والحصار، والقصف، والقتل، والإبادة، وإلغاء القوانين الدولية، وفرض السيادة "الإسرائيلية" والأمريكية على الأنظمة والشعوب والأحزاب والمؤسسات الدينية والثقافية في المنطقة التي كانت تُعرف بالعربية، مع التخطيط لتبديل اسمها إلى "إسرائيل الكبرى" أو "الشرق الأوسط الأمريكي الجديد".
أما بالنسبة للمسؤولين اللبنانيين الذين يسارعون لنزع سلاح المقاومة ويسعون للتفاوض لتوقيع "سلام" مع إسرائيل، فنسألهم: ألا ترون ولا تسمعون نتائج اتفاقيات السلام السابقة في فلسطين وسوريا والأردن؟
 ألم تستفيدوا من تجربتكم في مفاوضات الغاز الخاسرة (قضية كاريش)، وفي مفاوضات وقف إطلاق النار في تشرين الماضي، وفي القرار 1701 المشؤوم والقرار 425 الذي تجاوز عمره الأربعين عاماً دون أن تنفذه "إسرائيل"؟
 نعلم أنكم لا تستطيعون المواجهة العسكرية المباشرة مع "إسرائيل"، وأنكم مضطرون لتنفيذ المهام التي كلفتكم بها أمريكا مقابل وصولكم إلى السلطة، ونعلم أيضاً بوجود أحزاب متحالفة تاريخياً مع العدو "الإسرائيلي" أو شخصيات منحازة له علانية... ولكن، من أجل تحسين الشروط وصون الحقوق وبعض من الكرامة والعزة، لا تفرطوا بأوراق القوة التي لا تزال في أيدي لبنان، وفي مقدمتها المقاومة التي لم تنتهِ، والتي تتعافى، والتي تستطيع في اللحظة المناسبة تحسين شروط التفاوض عبر منهج "التفاوض بقوة" ضد منهج "السلام بالقوة"، كما لا ينبغي التفريط بورقة القوة اللبنانية المتمثلة بالوحدة الوطنية، وتجنب جر الشعب إلى حرب أهلية أو فتنة طائفية.. فاوضوا وأنتم أقوياء، فربما تنجحون في تأمين السلم والأمن للبنان، أما إذا فاوضتم وأنتم ضعفاء، فستخسرون الأرض والسيادة والأمن والسلام، وستربحون بطاقة "عبيد لإسرائيل"، وسيكون مصيركم كما مصير عملاء "إسرائيل" في لبنان على بوابة فاطمة او ارصفة الشوارع، وكما كان مصيرهم في غزة الآن.
هل تستطيعون إعطاء "إسرائيل" أكثر مما أعطاها محمود عباس، ثم استغاث في الأمم المتحدة بحماية الفلسطينيين كحيوانات؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل