جرمانوس يستقوي بأفيخاي على الشعب اللبناني: حين يصبح العدو مرجعية!

الإثنين 29 أيلول , 2025 08:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في بلدٍ يرزح تحت أزمات اقتصادية، سياسية، وأخلاقية خانقة، لا عجب أن يطل علينا بين الفينة والأخرى من يُفترض أنهم "خدموا" في مؤسسات الدولة، ليتباهوا بخطاب يتناقض جذريًا مع مفهوم السيادة، الكرامة الوطنية، والانتماء الحقيقي للبنان.

بيتر جرمانوس، القاضي السابق والمدعي العام الذي مرّ على القضاء اللبناني، خرج بتصريح يُشبهه تمامًا، حين قال إنّه "لو طلع أفيخاي أدرعي وقال ما بدي حدا على صخرة الروشة، ما كان ضل ولا ... واقف". هذا التصريح ليس زلّة لسان، بل هو تلخيص تام لحالة الانهيار الأخلاقي والسياسي لدى طبقة كاملة من المتسلّقين على الدولة، الذين لم يمرّوا بها ليبنوا مؤسسات أو يصونوا القانون، بل ليتحولوا إلى وكلاء ثقافة الخضوع والانبطاح.

هل يدرك جرمانوس ما يعنيه أن يُعلي صوت ناطق جيش الاحتلال الإسرائيلي فوق صوت الدولة اللبنانية؟ هل يفهم أن صخرة الروشة، برمزيتها الجغرافية والوطنية، لا تُقارن بمنبر أفيخاي الذي لا يمثل سوى آلة دعائية لكيان محتلّ؟ أم أنه تعمّد هذا التشبيه ليُدلّل لنا كيف أن في لبنان، لا تزال بعض العقول تعيش عقدة النقص تجاه الاحتلال، وتستلذّ بالقوة حتى ولو كانت على يد عدوّ تاريخي؟

من هم هؤلاء؟ وأين كانوا؟

بيتر جرمانوس ليس حالة فردية. هو نموذج لمجموعة من "خريجي الدولة" الذين دخلوا إلى أروقتها لا ليفرزوا مشروعًا سياديًا أو إصلاحيًا، بل ليكونوا أدوات لإعادة إنتاج الفساد والتبعية والتطبيع. هؤلاء حين يتحدثون، تجد في كلامهم دائمًا ترويجًا لفكرة أنّ لبنان صغير، ضعيف، يجب أن "يُطبع" مع إسرائيل، أن يستسلم، أن يطأطئ الرأس.

لكن الأسوأ من خطابهم، هو أنهم لبسوا عباءة "الشرعية" و"القانون" لسنوات، وتسلّحوا بمنابر الدولة، ليمرّروا هذه الثقافة المهزومة.

أي دولة يريدها جرمانوس وأمثاله؟ دولة يتحكم بها ضباط إسرائيليون عبر تويتر؟ دولة تُدار وفق التعليمات الصهيونية بدلًا من إرادة الناس ومؤسساتهم؟ هل هذه هي الدولة التي ادعى أنه "بناها"؟

الشعب أقوى من أفيخاي.. وأكبر من جرمانوس

لو كان صوت أفيخاي أدرعي له هذا التأثير السحري كما يدّعي جرمانوس، لكان الجنوب اللبناني اليوم مستعمرة إسرائيلية، ولكانت بيروت تغني النشيد العبري. لكن التاريخ، وليس الخطابات الفارغة، هو الذي يحدّد الوقائع: أفيخاي أدرعي ناطق باسم جيش هُزم مرتين في لبنان، وخرج مذلولًا. بينما صخرة الروشة ما زالت هناك، شاهدة على أن بيروت لم تركع.

ما يُرعب أمثال جرمانوس هو أن ثقافة المقاومة في لبنان ما زالت حية، وأن هناك أجيالاً ترفض أن تُحكم من تل أبيب، حتى عبر أدوات لبنانية ناعمة تتقن اللغة القانونية ولكنها تُروّج للانهزام.

في الخلاصة:

جرمانوس وأمثاله ليسوا مجرد "رأي مختلف"، بل هم تجسيد حيّ للخطر الداخلي على مشروع الدولة. الخطر ليس فقط في فساد الإدارات أو غياب الخطط، بل في هذه العقليات التي تُفرّغ الدولة من مضمونها السيادي، وتحوّلها إلى مجرد حدود جغرافية تنتظر الأوامر من الخارج.

لبنان لا يبنى بأمثال هؤلاء. بل يُهدَم على أيديهم. والردّ عليهم ليس فقط بالكلمات، بل بإعادة تعريف من هم رجال الدولة الحقيقيون: من يحفظون السيادة، لا من يروّجون للعدو؛ من يبنون القانون ليحمي الناس، لا ليبرّر الخنوع.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل