مسؤوليتنا حفظ المشروع المقاوم... والصمود وعدم الانهزام ــ د. نسيب حطيط

الإثنين 29 أيلول , 2025 09:00 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تستمر الحرب الأمريكية - "الإسرائيلية" على المشروع المقاوم، سواء كان سلاحًا أو فكرًا أو ثقافة أو رموزًا وفعاليات متنوعة، لتمهيد الطريق أمام "إسرائيل الكبرى"، و"الشرق الأوسط الأمريكي الجديد"، و"الديانة الإبراهيمية الجديدة" كبديل عن الإسلام، والشلل والاستسلام العربي والإسلامي حدود الموت السياسي والثقافي، واليأس من إمكانية مقاومة هذا المشروع أو الانتصار عليه في حال التصدي له، وهذا ما لم تعرفه هذه الأمة منذ قرون.
تتساقط الدول والأحزاب والرؤساء والملوك وعلماء الدين والمؤسسات الدينية والإعلامية بشكل خيالي في سلّة الصياد الأمريكي - "الإسرائيلي" في حالة هستيريا استسلامية، حيث يهرول الجميع ويتسابقون للفوز ببطاقة "عبد لأمريكا وإسرائيل"، مهنتهم العمالة وبيع الأوطان، واستعمالهم ككلاب صيد لملاحقة المقاومين الذين لا زالوا يقاومون في غزة ولبنان واليمن والعراق وإيران.
إن اختلال توازن القوى العسكرية والمالية والعالمية ورجحان كفّة الأعداء وتكاثرهم وخيانة الحلفاء، يفرض على قوى المقاومة أو المحور المقاوم - الذي تلقّى ضربات قاتلة وقاسية خلال السنتين الماضيتين - خصوصاً في لبنان، إعادة برمجة وهيكلة مشروعها المقاوم على مستوى التنظيم والوسائل والأهداف والأولويات وفق التالي:
الأهداف:
-  أن يكون الهدف الأساس حفظ المشروع المقاوم بكل وجوهه؛ العسكرية والتنظيمية والإعلامية والثقافية وغيرها، واتباع السبل والوسائل التي تحفظه، واعتبار ذلك أولوية تتقدم على هدف تحرير الأرض أو المواجهة الميدانية "مرحلياً"، بل ومحاولة الفرار من أي مواجهة ميدانية، كما فعلت المقاومة خلال العام الماضي رغم كل الأثمان، وكان قرارًا عاقلاً واستراتيجيًا، ولابد أن يستمر.
- الفرار من أي فتنة داخلية يسعى إليها الأعداء والخصوم، مع ضرورة التصدي بحزم بردود موضعية حاسمة لردع ولجم بعض العملاء؛ بصفتهم الرسمية أو الحزبية أو الطائفية.
-  وجوب المثابرة على زيارة القرى المدمّرة، وتقديم الدعم اللوجستي للعائدين او الزائرين لإعادة الإعمار، وزرع الأشجار وترميم المقابر، وإبقاء مظاهر الحياة فيها، حتى لا يتم تثبيت مبدأ التهجير.
الوسائل:
-  وجوب تنمية وتطوير المقاومة الثقافية والمدنية والإعلامية، وعدم حصر المقاومة بالميدان العسكري، مع ضرورة الاستعانة بالخبرات والكفاءات المؤيدة للمشروع المقاوم.
- توسعة مروحة المشروع المقاوم ليكون غير محصور بالطائفة الشيعية - وهي ليست مسؤولة عن ذلك، بل لتقصير وقصور الآخرين - والعمل على تأسيس "المشروع المقاوم الوطني" العام.
-  تقليل الخصوم، والاحتفاظ بمن تبقى من الأصدقاء، وفي أسوأ الأحوال إبقاؤهم في منطقة الحياد، لعدم خسارتهم، ولعدم الانقلاب على المقاومة خوفًا من عقاب أو طمعًا بغنيمة انتخابية أو مال.
-  حصر فعاليات وجهود المقاومة في الداخل اللبناني، وتجنيد أي دور الإقليمي، بسبب ضعف الإمكانات وضرورة تسخيرها للدفاع عن لبنان والمشروع المقاوم.
ليس مطلوبًا من المقاومة أن تنتصر في المعارك القادمة، بل نصرها الحقيقي هو حفظ المشروع المقاوم؛ سلاحًا وفكرًا وثقافة، واعتباره خميرة المشروع المقاوم العربي - الإسلامي، بعد سقوط كل الأمة والتموضع وفق الموجبات التي يفرضها "الكمين" لقطع الطريق بوجه المشروع الأميركي، لأنه إذا استطاعت أمريكا اقتلاع الفكر المقاوم من لبنان فإنها ستهنأ وترتاح لـ50 عامًا قادمة، أو ربما مائة عام.
على قوى المقاومة في لبنان أن تنهج نهج الأئمة بعد واقعة كربلاء ،فقد سخّروا كل جهدهم لحفظ الإسلام القرآني والسنّة النبوية لإنقاذها من الاجتثاث أو التحريف، وتحملوا الحصار، فكانت مرحلة "حفظ وتثبيت الإسلام"، والتي قادها الأئمة (زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق ) مرحلة حفظ الإسلام ،بلا جيوش ولا سيوف ولا قوة مادية عسكرية، بل بمقاومة ثقافية دينية فقهية وصبر شجاع وعاقل وإيماني وقد نجحوا في ذلك مع فارق اننا لا زلنا نلك السلاح مما يعطينا الأمل أكثر..
مسؤوليتنا في لبنان خصوصًا حفظ "المشروع المقاوم" فكرًا وسلاحًا وإنقاذه من العاصفة الأمريكية - "الإسرائيلية" الهوجاء ورغم كل المصاعب والحصار، فإننا قادرون على تجاوز هذه العاصفة إذا استطعنا إدارة المعركة بعقلانية وموضوعية ودون انفعال وبالعمل في سبيل الله وحده، لنصرة دينه بمواجهة الدين الماسوني الجديد المسمّى خداعًا "الديانة الإبراهيمية".
كنا في مرحلة تحرير الأرض والآن نحن في معركة تحرير الإنسان من عبادة الأصنام الجدد، حربٌ دينية إنسانية وأخلاقية ضد التلموديين والماسونيين وليست حرب جغرافيا أو حدود.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل