أقلام الثبات
بدأت الحرب بين الشيعة اللبنانيين واليهود في فلسطين منذ أن بدأ أهل الجنوب، بحرب الإسناد الأول لثورة الشيخ عز الدين القسام عام 1936 بتهريب السلاح للفدائيين الفلسطينيين، وشاركوا في جيش الإنقاذ عام 1948 مع بعض اللبنانيين، واستشهد النقيب محمد زغيب (ابن بلدة يونين البقاعية) من الجيش اللبناني، والذي تم تسمية ثكنة صيدا باسمه، وكان معه عدد من المتطوعين، بينهم الشهيد معروف سعد.
استمر العدوان "الإسرائيلي" على جنوب لبنان بالتعاون مع الاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وتم اقتطاع 40 قرية لبنانية وضمها إلى فلسطين، وأغلبها قرى شيعية، ولم يتم الاعتراف إلا بسبع قرى عُرفت "بالقرى السبع" اللبنانية التي لا زالت محتلة.
استمرت "إسرائيل" في عدوانها على الجنوب، فكان أول اجتياح للجنوب بما عرف بعملية "حيرام" 1948، وتوغلت داخل القرى اللبنانية، وارتكبت "مجزرة حولا" ضد المدنيين، واحتلت علمان، والعديسة، والقصير، والقنطرة، والطيبة، وكفركلا، ومركبا، وبني حيان، وطلوسة، ودير سريان، وحولا، وميس الجبل، ومحيبيب، ورب الثلاثين وبليدا، ثم تمّ اجتياح عام 1978 واجتياح عام 1982 وعناقيد الغضب وحرب تموز 2006 وحرب أيلول 2024.
تميّز تاريخ الصراع بين لبنان والعدو "الإسرائيلي" منذ أكثر من 70 عامًا بما يلي:
- كانت "إسرائيل" هي الطرف المهاجم دائمًا والمعتدي، والذي يتوغل داخل الأراضي اللبنانية، ولم يبادر اللبنانيون، خصوصاً الشيعة، إلى الهجوم داخل فلسطين المحتلة.
- الحرب لم تكن بين لبنان و"إسرائيل" طوال هذه الفترة، بل كانت بين الشيعة، الطرف الأساسي المقاوم في الصراع بنسخاتهم الحزبية (البعثية والشيوعية والقومية والإسلامية، وكان الجنوب ساحة الحرب منذ احتلال فلسطين قبل 70 عامًا، ولم يشارك في هذه الحرب من اللبنانيين إلا بعض الوطنيين المنتسبين إلى الأحزاب اليسارية والقومية والناصرية.
- لم تتعرّض فلسطين المحتلة للهجوم أو القصف بالصواريخ إلا أثناء الوجود الفلسطيني المسلح، بشكل دفاعي ومحدود، مع بعض عمليات التسلل للفدائيين من الجنوب، بعدما سمحت الدولة اللبنانية وفق اتفاق القاهرة عام 1969 (قبل ولادة حركة امل والمقاومة الإسلامية) بالعمل الفلسطيني المسلح بضغط عربي، ولم يكن لأهل الجنوب "الشيعة" قرار أو رأي في ذلك، بل كانوا الضحية التي تتلقى الضربات من العدو "الإسرائيلي"، ومن السيطرة الفلسطينية ومن إهمال الدولة.
- لم يكن الموقف من "إسرائيل" موحدًا عند اللبنانيين، فأكثر المسيحيين بقياداتهم الروحية والسياسية كانوا من المتحالفين مع العدو "الإسرائيلي" قبل احتلال فلسطين وبعده، و"الدروز" كانوا في حياد ميداني؛ بالتلازم مع موقفهم السياسي والإعلامي بالعداء "لإسرائيل" وتأييدهم للقضية الفلسطينية، ولم يبق في الميدان إلا الشيعة والأحزاب اليسارية والطائفة "السنيّة" التي كانت تنحاز إلى الناصرية والعروبة أكثر، وتؤيد المقاومة الفلسطينية واحتضانها، كما هو الحال في أيامنا هذه، مع تغيّر خفيف في المزاج السنّي على مستوى القيادات الدينية والسياسية، مع ثبات الجمهور العام السنّي في لبنان فقط ضد "إسرائيل".
إن ميزان العداء "لإسرائيل" بالنسبة للمتدينين يرتكز على النص القرآني؛ يقرره القرآن الكريم {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}، فكل مؤمن مسلم، وكل مؤمن مسيحي سيكون حكماً عدوًا لليهود "الإسرائيليين" الصهاينة، ومن يعلن السلام مع "إسرائيل" أو يؤيدها أو يتحالف معها - من المسلمين خصوصًا والمسيحيين - فليراجع دينه، لأن اليهود قتلة الأنبياء، وهم المشاركون في محاولة صلب السيد المسيح (عليه السلام)، والمقاتلون ضد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولهم ثأر على الرسول الأكرم الذي أخرجهم من حصونهم في خيبر بسيف الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ويريدون العودة إلى حصونهم في السعودية (ويبدو أنهم اقتربوا من ذلك)، ولابد من قتل من أخرجهم، وأول خط دفاع عن الحرمين الشريفين في مكة والمدينة هو جنوب لبنان "الشيعي" الذي هزمهم عام 2000 وعام 2006، ولا يزال رافعًا راية القتال وحيدًا في هذه الأمة العربية والإسلامية.
الحرب لا زالت مستمرة وستستمر، ولأن ملك "إسرائيل" نتنياهو يخوضها حربًا دينية فلابد أن نخوضها أيضًا على أسس دينية، ويمكن أنها بدأت في خيبر قبل 1400 عام، وستستمر حتى ظهور الإمام المهدي والسيد المسيح (عليهما السلام).
علينا البقاء في الخنادق وعدم الوقوع في فك الخداع و"السلام" الذي قالت عنه أمريكا، فهو وهم ولا حدود ثابتة "لإسرائيل"، والمعادلة التي ستحكم المنطقة ستكون "إسرائيل المسيطرة" والطرف العربي الإسلامي "الخاضع"، لكننا في لبنان سنكون خارج هذه المعادلة، ولن نكون أحد عناصر الطرف الخاضع، وسنبقى الطرف المقاوم!".
سننتصر بإذن الله... فالحرب ما زالت مستمرة، وستستمر.. ونحن لم نُهزم... وهم لم ينتصروا بعد.
الحرب مازالت مستمرة: لم نُهزم ولم ينتصروا ــ د. نسيب حطيط
الأربعاء 24 أيلول , 2025 09:54 توقيت بيروت
أقلام الثبات
"إسرائيل"... بناء مستوطنات بلا مستوطنين تسكنها البوم والغربان ــ أمين أبوراشد
الاحتلال الجوي... الجيل الثالث من الاحتلال "الإسرائيلي" للبنان ــ د. نسيب حطيط
"إسرائيل" للسعودية: "التطبيع بلا شروط".. أو استمروا بركوب الجمال ــ د. نسيب حطيط
"السلام بالقوة"... الكنيست يوافق على ضم الضفة الغربية ــ د. نسيب حطيط