"السناب باك" على إيران.. بين القانون والدبلوماسية والسياسة ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 22 أيلول , 2025 10:15 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
 
         يُعدّ ملف إعادة العقوبات على إيران مثالًا حيًا على التقاطع بين القانون الدولي، والدبلوماسية، والأمن، والسياسة الداخلية. إن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، وعدم قدرة الأوروبيين على إنقاذه عبر الآلية التي تم اقتراحها حينها، والتي هدد ترامب بوضع عقوبات عليها، ولاحقاً رد إيران بانتهاك الالتزامات المفروضة على التخصيب النووي، يُظهر أن الاتفاق النووي كان هشّاً من الناحية التنفيذية، وأن المفاوضين بنوا على أن "حُسن النية" هي العامل الأهم في المعاهدات الدولية، لكنها لم تكن كافية لثباته.

         في 28 آب/ أغسطس 2025، وبهدف الضغط على إيران، قامت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) بتفعيل آلية "الـ Snapback" المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، والتي تنص على إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران إذا أخلّت إيران بالتزاماتها التي وقعت عليها في الاتفاق.

من الناحية القانونية، يسمح قرار مجلس الأمن 2231 (2015) الذي صادق على الاتفاق النووي لأي طرف مشارك بالاتفاق أن يُخطر المجلس بوجود «عدم امتثال جوهري»، ما يؤدي بعد مهلة محددة إلى إعادة فرض العقوبات الأممية السابقة. غير أن النص يربط هذا الإجراء بآلية تسوية النزاعات (DRM) التي تمر بمراحل داخلية قبل بلوغه طاولة مجلس الأمن.

ومع اقتراب نهاية المهلة، وهي محددة بثلاثين يوماً، تم طرح مشروع قرار على مجلس الأمن يسعى لمنع إعادة العقوبات بشكل دائم على إيران، لكنه فشل. وكانت الدول التي دعمته، وهي: الصين، روسيا، باكستان، الجزائر، ورفضته تسع دول، وامتنعت دولتان عن التصويت، وبالتالي أعطى التصويت زخماً لموقف الأوروبيين.

وبعد فشل مشروع القرار، يتم تحضير مشروع قرار جديد لتقديمه الى مجلس الأمن لتمديد الاتفاق النووي لمدة ستة أشهر، وحث جميع الأطراف على استئناف المفاوضات فورًا، وذلك من أجل إتاحة المجال لإيران لتسوية المسائل العالقة وتجنّب عودة العقوبات الأممية.

في المبدأ، يوافق الأوروبيون على تأجيل إعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر، لإفساح المجال لإجراء محادثات بشأن اتفاق طويل الأجل بشأن برنامج طهران النووي، لكنهم يشترطون السماح لمفتشي الأمم المتحدة بدخول المواقع النووية، ومعالجة مسألة مخزون إيران من اليورانيوم المخصب خاصة العالي التخصيب، والعودة الى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة.

أما الولايات المتحدة، فتطرح إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران حالياً، ثم التفاوض مع إيران على إزالتها فيما بعد، وهو ما يجعل إيران في موقف تفاوضي أضعف من موقفها الحالي، اي التفاوض على رفع العقوبات الأميركية الأحادية، والتي لا تلزم الدول الأخرى، بعكس العقوبات الأممية.

         حالياً، يبدو الحل الأفضل بالنسبة لإيران، وهو تأخير إعادة فرض العقوبات، لكن هذا يتطلب قراراً جديداً من مجلس الأمن، ويحتاج إلى توافق مع الكتلة الأوروبية والولايات المتحدة، لكن الوقت ضيّق؛ فإذا لم يتم التوصل إلى إصدار قرار بالتمديد بحلول 28 أيلول/ سبتمبر، سيتم إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة.

أما الخيار الآخر، وهو التصعيد عبر الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، أو الإعلان عن التوجه لصنع قنبلة نووية أو غيرها من البدائل التصعيدية... فهي خيارات محفوفة بالمخاطر، في ظل الحرب الدائرة في الشرق الأوسط حالياً ووجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، ورغبة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو بالعودة الى الحرب مع إيران بدعم أوسع.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل