أقلام الثبات
بعد عام على ملحمة المقاومين الشجعان في جنوب لبنان، يعترف العدو بأنه حشد خمس فرق عسكرية (خمسون ألف جندي)، أي أكثر من نصف جيشه الميداني مدعوماً بالطائرات والدبابات وكل الأسلحة المتطورة، مقابل آلاف من المقاومين الشجعان.. وبعد قتال 66 يوماً، لم يستطع العدو هزيمتهم أو الوصول إلى نهر الليطاني.
5000 مقاوم قاتلوا، بدون قيادة بعد اغتيال قائدهم "السيد الشهيد" وأغلب قياداتهم المركزية والميدانية وقادة المحاور وتدمير أغلب مخازنهم الصاروخية، وقاتلوا بلا قيادة وبلا أجهزة اتصال بعد مجزرة "البيجر واللاسلكي"، وبلا تموين وبلا إمداد وقاتلوا خلافاً لخِططهم السابقة، نتيجة لتغير الظروف وخروج سلاح الصواريخ والمسيرات من اليوم الأول للحرب والمعجزة الإلهية ان تبقى المقاومة على قيد الحياة، رغم خسارتها 15000 شهيد وجريح، وكل قيادتها.. ولم تستسلم!
اعتراف العدو بشجاعة المقاومين، واعترافه بهزيمته، واعترافه بعدم انتصاره في الميدان، بل بالالتفاف على المقاومين بوقف النار وخداعهم، وتدمير القرى التي دافعوا عنها بعد وقف النار وليس أثناء القتال، يتلازم مع إصرار السلطة السياسية و"حلفاء حق الرقبة" والعملاء والخصوم، بأن السلاح لم يردع العدو، وأن المقاومة أمرٌ عبثي لم يُنتج، وبسبب الحقد والعمالة والنذالة..
يعترف العدو بشجاعة وبسالة المقاومين، ويصر عملاؤه و"حلفاء الإيجار" على حقارتهم؛ بإدانة المقاومة والإصرار على نزع سلاحها!
يعترف العدو بأنه اضطر لتوقيع وقف النار والاعتراف بحق لبنان بالدفاع عن النفس، ليس بسبب الدبلوماسية السياسية أو البيانات أو البكاء الرسمي أو شكاوى لمجلس الأمن، بل برصاص المقاومين وأشلائهم المنتشرة في قرى الجنوب الشريف.
رجحت كفة الميزان لصالح العدو في الجو، بالتعاون مع كل الطائرات الصديقة والحليفة له والمتعدّدة الجنسيات لاغتيال "محور المحور" وثلة من المقاومين في هذا الشرق الأوسط العقيم، الذي لا يُنجب إلا العملاء والمطبّعين والمستسلمين في سن اليأس السياسي، وأرذل العمر العربي والإسلامي، لكن كفة الميزان رجحت في البر، لصالح المقاومين الذين قاتلوا 66 يوماً ولم يستطع العدو الوصول إلى الليطاني، رغم كل قدراته العسكرية، ولم يبق منهم سوى الأشلاء، ويكفيهم فخراً أنهم قاتلوا ولم يكن بينهم أسيرٌ ولا جريحٌ، بل شهداء... وشهداء... وشهداء.
بعد تصريحات جيش العدو عن قواته التي قاتل بها وعن الخسائر التي ألحقها بالمقاومة قبل بدء المعركة، يجعلنا في موقع المقصرين والجاحدين لتضحيات هؤلاء الشهداء الذين لم نستطع تعريف الناس بما قاموا به في "ملحمة 2024" في الجنوب، ونرى أنه قد ضيّعنا جزءً من دمائهم ولم نستطع استثمار قتالهم الكربلائي. ويجعلنا نشعر بالخجل أمامهم وعلى كل من يتباهى بأنه قام بعمل سياسي أو إعلاميً أو ميداني أو إغاثي أن يغطي وجهه ويصمت، وعدم مقارنة جهده بالشجاعة والبسالة والتضحية السامية لهؤلاء، وعلينا أن تسمّي القرى والأودية والتلال بأسمائهم، وألا نقول قرى "الحافة الأمامية" بل "قرى الشهداء".
إن ما قام به هؤلاء الشجعان الشهداء منع انتصار العدو، وأفشل أهدافه في حرب 66 يوماً، ولايزال يمنع العدو من تكرار الاجتياح البري والتوغّل بشكل أعمق من الحرب الأولى، لأنه يعرف ما ينتظره ،بعدما جرّب في المرة الأولى، والاكتفاء باغتيال الأطفال وآبائهم وأمهاتهم أو بعض المقاومين على دراجاتهم النارية وتفجير ما تبقى من مخازن جنوبي الليطاني بواسطة القوات الدولية والجيش اللبناني.
يعترف العدو بأنه لم ينتصر في حرب 66 يوماً... ويعترف العدو بأننا لم ننهزم وأنه لم يتخلّص لا من السلاح ولا من المقاومين، فيستعين، بكل شياطين الأرض والداخل اللبناني حتى يقوموا بنزع سلاح المقاومة، بالنيابة عنه ليرضى عنهم ويعطيهم بعض الفتات السياسي أو لتتجاوز أمريكا عن ملفاتهم في الفساد المالي أو من فضائح وثائق المخابرات السورية بعد سقوط النظام، ولمنع مصادرة أرصدتهم في المصارف في الخارج.
في الذكرى السنوية الأولى لملحمة الجنوب "جبل عامل" الشجاع يمكننا القول: نحن لم ننهزم... والعدو لم ينتصر... والحرب لم تنته بعد.
العدو يعترف: خمسون ألفاً... مقابل خمسة آلاف مقاوم ــ د. نسيب حطيط
الإثنين 22 أيلول , 2025 10:00 توقيت بيروت
أقلام الثبات

