قليلاً من المسامير.. حتى لا نبقى طائفةً مخلّعة الأبواب والنوافذ _ د. نسيب حطيط

السبت 20 أيلول , 2025 06:49 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد سنة على الاجتياح البري "الإسرائيلي" وتهجير الطائفة الشيعية من بيوتها في كل لبنان، واغتيال "السيد الشهيد" وقادة المقاومة، وبعد سنتين على تهجير 100 ألف لبناني لا يزالون مبعدين عن قراهم الحدودية، تعيش "الطائفة الشيعية" مرحلة استثنائية على مستوى الوجود والعقيدة والشراكة السياسية في النظام الذي يعمل على تهميشها وتدجينها في المؤسسات الدستورية (الحكومة ومجلس النواب) ليكون حضورها شكلياً بدون تأثير أو شراكة حقيقية في القرارات، وإهمال قضية المهجرين من الجنوب أو المدمّرة بيوتهم في الجنوب والضاحية والبقاع، حيث إن التمثيل الوزاري للشيعة، صار بلا معنى بعد تثبيت منظومة "التصويت" في الحكومة، ويبدو أن دور الوزراء الشيعة سيكون إما الانسحاب بعد النقاش ثم الإشادة والترحيب بما صدر من قرارات أو إيصال "المرطّبات" إلى مجلس الوزراء أو الشراكة في اتخاذ بعض القرارات الظالمة للشعب اللبناني، فبعد سنة على الشراكة في الحكومة لم يصدر أي قرار ذو وزن يعترف بوجود قضية وطنية وإنسانية "مهجرو الجنوب" او  إعادة الإعمار أو الإعفاء من بعض الضرائب والرسوم إلا رسوم الكهرباء والهاتف.
أما في مجلس النواب، فإن كتلة الثنائية الشيعية صارت أيضاً بلا تأثير بعد حشد وتحالف كل الكتل النيابية من كل الطوائف والأحزاب المؤيدة للمشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، ما جعل النواب الشيعة أقلية يمكن تجاوزها ،كما حدث عند تكليف رئيس الحكومة أو في إقرار القوانين سواء وافق الشيعة أو لم يوافقوا ولولا وجود الأخ رئيس مجلس النواب الذي يستطيع تعديل الموازين في بعض المرات بشخصه ومواقفه، لكنه لا يستطيع قلب الموازين بالتصويت.
يتعامل اللبنانيون والخارج مع "الشيعة" على أنهم طائفة انهزمت في الحرب ولا خيار لها إلا التوقيع على ما يتم فرضه عليها دون نقاش أو اعتراض أو تأخير، وحتى موضوع نزع السلاح الذي "افترضت" الثنائية أنها جمّدته، لكنه يُنفّذ، بذكاء وهدوء على طريقة "النمل" الذي يسرق القمح دون انتباه المالكين، فيتم مصادرة السلاح حتى الفردي من المواطنين تحت عناوين ظاهرها جميل "كلمة حق" نؤيدها في الحرب على تجار المخدرات والأسلحة، لكن السؤال: هل سيتم مصادرة كل سلاح فردي بعنوان المخدرات وتجارة الأسلحة؟
والأكثر خبثاً من ذلك.. ونسأل: من كان يمنع الجيش والقوى الأمنية من مداهمة مراكز ترويج المخدرات سواء في بيروت والبقاع وغيرها مادامت تملك المعلومة والقدرة؟ 
لقد أصابت حملة قتل ومطاردة تجار المخدرات عصفورين برصاصة واحدة، أولهما القضاء على هذه الآفة الخبيثة والخطرة (ونحن نؤيد وندعو للاستمرار بها) والعصفور الآخر الإيحاء بأنه بعد ما ضعفت المقاومة وانهزمت صار باستطاعة الجيش التحرك بسهولة والإيحاء بأن المقاومة هي التي كانت تحمي تجار المخدرات.
تبدو "الطائفة الشيعية" وكأنها مخلّعة الأبواب والنوافذ، لا حامي لها ولا مدافع كما كان المعسكر الحسيني في كربلاء وخيامه المحروقة والمنهوبة وأطفاله التائهين الخائفين بين يدي اللئام، ونساؤه المسبيّات، وها نحن في كربلائنا الجديدة ،بين أشلاء الشهداء وتدمير البيوت وإحراق التاريخ ومحو الانتصارات وتأديب "طائفةٍ" تمرّدت على الاستسلام العربي والإسلامي، فقاومت بشجاعة وساندت فلسطين ولهذا يجب عقابها بالتنمّر والاستهزاء والإهمال والتهميش والحصار والتطاول على العقيدة.
إن استمرار "الثنائية" وأهل المقاومة بالصمت والاستيعاب طوال السنة الماضية ،شجّع بعض "الضباع "وأعداء الخارج على التمادي والتطاول أكثر وإذا استمر الحال كذلك، فإننا في مسيرة التراجع إلى الوراء والعودة، لما كنا عليه قبل أن يبادر الإمام الصدر، لنفض الغبار عن الطائفة المهمّشة والمحرومة.
لابد من بعض "المسامير" لتثبيت أبوابنا ونوافذنا حتى لا يقتلعها الخبثاء واللئام ،بعدما كسّروها وحتى لا يدخلوا إلى غرف نومنا ويسرقوا ما تبقى من ذكريات وثياب وبنادق الشهداء!
نحن مع العقلانية والصبر، بمواجهة العدو بانتظار اللحظة المناسبة والصحيحة للمواجهة، لكن التراجع والصمت وقلّة الكفاءة في الساحة الداخلية أمرٌ غير مبرّر وخطير وسيكون له انعكاساته داخل الطائفة ولابد من استدراك الموقف لتصحيح المسار وإلا فإن على "القادرين الواعين" المبادرة للتحرك، كما حصل بعد اجتياح 1982، لأن هذا الأمر واجبٌ "عينيٌ" على كل شيعي مقاوم ويصبح كفائياً إذا تحرك البعض.
بادروا لحماية أهلكم والاعتراف بالخسائر التي لحقت بنا وخطورة المرحلة وصعوباتها والمخاطر القادمة، لتكون حافزاً للصمود ومعالجة المشاكل وللمقاومة ومواجهة المؤامرة التي نتعرّض إليها وعدم المكابرة والاكتفاء بالتهديد والوعيد دون أدوية ميدانية، لمعالجة الالتهابات القاتلة في جسد الطائفة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل