100 ألف مُبعَد لبناني بلا رعاية… ولا تعويضات - د. نسيب حطيط

الجمعة 05 أيلول , 2025 09:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يعاني "المبعَدون اللبنانيون" من القرى الحدودية من الإهمال والنسيان، بعد سنتين من تهجيرهم وإبعادهم القسري، وتدمير بيوتهم وكرومهم وأرزاقهم، ومنعهم من حق العودة. ويهدف هذا التهجير الدائم إلى إقامة منطقة اقتصادية عازلة، كمشروع مخادع وخبيث مخادع للمنطقة العازلة الخالية من السكان والحياة، والتي تسهل قيامها السلطة السياسية التي تعمل بالتوازي والتكامل مع القصف "الإسرائيلي"، على نزع السلاح، ومنع إعادة الإعمار، وعدم تقديم أي تعويضات أو مساعدات اجتماعية أو صحية لهؤلاء المبعدين المظلومين.

بعد سنتين من الإبعاد والتهجير واستشهاد الأبناء وخسارة الأرزاق، لم يتم الالتفات إلى الأزمات والمشاكل التي يعاني منها الإخوة المبعدون على مستوى السكن والاستشفاء والتعليم، بالإضافة إلى القلق على المصير، والذي يبدو مشابهاً لمصير اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا إلى لبنان وهم يحملون مفاتيح بيوتهم، بعدما وعدتهم الجيوش العربية وحكامها بالعودة بعد أسبوع أو أسبوعين، وقد مضى على تهجيرهم أكثر من 70 عاماً. ويمكن أن يلحق بهم من تبقى من الفلسطينيين في الضفة وغزة، كما سيلحق، بالمبعدين اللبنانيين إخوانهم الباقين في "جنوبي الليطاني"، إذا استمر الحال كما هو، دون حراك شعبي أو حزبي ودون تضامن بقية الأهالي مع أهالي القرى الحدودية، فسيزداد عدد القرى المدمرة من 14 إلى 40 و50 وكل جنوب الليطاني، وسيزيد عدد المبعدين من 100,000 إلى 300,000 وأكثر.

يعاني المبعدون اللبنانيون من الإهمال الرسمي والحزبي والديني، حتى أن بعض الذين رجعوا إلى قراهم تحت القصف والتدمير والخوف، نتيجة عجزهم عن تأمين سكن خارج قراهم، لم يتحرّك أحد من المؤسسات الرسمية والأهلية والحزبية، لتأمين المياه لهم لتشجيعهم على الثبات والعودة مع ان سلاح العودة والصمود يعادل السلاح.

بعد الاجتياح "الإسرائيلي" عام 1978 واحتلال "إسرائيل" للشريط الحدودي، بادر الرئيس السوري حافظ الأسد إلى منح الطلاب اللبنانيين من القرى المحتلة استثناءً بتخفيض معدلات القبول في كليات الطب والهندسة والصيدلة، لتكون أقل من النسبة المطلوبة من الطلاب السوريين. ونسأل الإخوة في الثنائية الذين سيشاركون في مناقشات موازنة 2026 في الحكومة ومجلس النواب، والتي تمّت صياغتها وهي خالية من أي إشارة للقرى المحتلة أو للأهالي الذين دُمرت بيوتهم وأرزاقهم: ماذا قدمتم من اقتراحات لرعاية هؤلاء المبعدين؟

بدأتم برفع شعار الاقتراع للثنائية ،لحماية التمثيل النيابي الذي يحفظ المقاومة وحماية حقوق أهل المقاومة والمبعدين، لكن لم يستطع هذا التمثيل حماية الحقوق حتى الآن، بسبب القصور والتقصير وعدم الكفاءة. ليبادر ممثلو "الثنائية في الحكومة ومجلس النواب والمؤسسات الرعائية والخدماتية ، لتقديم اقتراح مشاريع القوانين والمراسيم الحكومية، والبدء بإصدار "بطاقة مُبعد" لكل الإخوة المهجرين والمبعدين قسراً من القرى الحدودية، لإبقاء قضيتهم على قيد الحياة ولا يطويها النسيان، ويستفيد كل حامل بطاقة (بعد التحقق) مما يلي:

- الإعفاء من رسوم التسجيل في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية.

- الإعفاء الكلي أو نصف المجاني في المدارس والجامعات التابعة للثنائية.

- الاستشفاء المجاني لكل من لا ينتسب إلى مؤسسات الضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة.

- الإعفاء الكلي من رسوم الكهرباء والماء والهاتف في القرى الحدودية و50% من هذه الرسوم في محل الإقامة والاستئجار.

- ضم المبعدين اللبنانيين إلى برنامج "أمان" الذي تديره وزارة الشؤون الاجتماعية، أو استحداث برنامج خاص تابع لمجلس الجنوب أو الهيئة العليا للإغاثة لتأمين منحة مالية أو غذائية شهرية لعوائل المبعدين.

- إعفاء مواد البناء الخاصة بإعادة إعمار أو ترميم المباني المدمرة من الرسوم الجمركية.

- استحداث رسم إعمار على كل المعاملات الرسمية كما حدث بعد زلزال عام 1958.

- عدم نقل الردم من القرى حتى البدء بالإعمار ،لحفظ الذاكرة "والأطلال" ولاستخدامها عند إعادة البناء.

- نناشد المراجع الدينية إصدار فتوى بحصر صرف "الخمس" لكل الشيعة اللبنانيين على المبعدين، لتأمين حاجاتهم وإعادة إعمار القرى المحررة، وحصر صرف الخمس لأهالي القرية في قريتهم، وكذلك أموال الوقف والصدقات وزكاة الفطرة والكفارات والنذور، عبر تشكيل هيئة موثوقة دينية لإدارة الأعمال الشرعية على المحتاجين وإعادة الإعمار. الصمت والإهمال الذي يعاني منهما "المبعَدون اللبنانيون" يساعد في تنفيذ المشروع "الإسرائيلي"، لتهجير الجنوب وإخلاء منطقة جنوب الليطاني وتهديد شماله حتى الزهراني، ومن يعتقد أنه غير متضرر وبمنأى عن الخطر "الإسرائيلي" فهو واهم، وعليه التضامن مع إخوته المبعدين، وإلا سيكون مُبعداً جديداً في وقت قريب.

صمود الأهالي يساوي حفظ السلاح...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل