خاص الثبات
في زمن تتساقط فيه أقنعة الخيانة كأوراق الخريف، خرج النائب اللبناني مروان حمادة علينا بإطلالة إعلامية مخزية، اختار فيها الظهور عبر شاشة قناة i24NEWS الإسرائيلية، التي تبث من ميناء يافا المحتل في تل أبيب، في خطوة لا يمكن وصفها إلا بأنها تطبيع إعلامي فجّ ومتعمد مع كيان لا يزال يمعن في قتل أطفال غزة، وتدمير بيوت الجنوب اللبناني، وتهديد أمن المنطقة بأكملها.
قد يحاول البعض التبرير أو التقليل من حجم الفضيحة، بحجة أن القناة تبث من باريس أو أن الإعلام عابر للحدود. لكن الحقيقة الصارخة أن هذه القناة هي مشروع إعلامي صهيوني صريح، أسسها ويموّلها الملياردير الإسرائيلي الفرنسي المغربي باتريك دراهي، أحد أذرع الدعاية الصهيونية في أوروبا، وصاحب الإمبراطورية الإعلامية التي لا تخفي ولاءها المطلق لإسرائيل.
أن يظهر نائب في البرلمان اللبناني، وعضو في "اللقاء الديمقراطي"، على شاشة صهيونية في هذا التوقيت تحديدًا، بينما تقصف غزة ليلًا نهارًا وتُستهدف الضاحية والجنوب بالصواريخ الإسرائيلية، فهذه ليست سقطة إعلامية، بل خيانة سياسية ووطنية كاملة الأوصاف.
مروان حمادة، الذي لطالما قدّم نفسه كـ"مثقف سيادي"، يبدو اليوم مجرد بوق مأجور في منظومة تبييض وجه الاحتلال، وتبرير عدوانه المتواصل على شعوب المنطقة. فهل يظن أن التاريخ سينسى؟ هل يعتقد أن دماء الأطفال التي تسيل في غزة يمكن أن تُغسل عبر مداخلة ناعمة على قناة العدو؟
وإن كان البعض يسكت عن التطبيع الاقتصادي أو الثقافي تحت ضغط الواقع العربي المنهار، فإن السكوت عن هذا النوع من التطبيع الإعلامي هو مشاركة في الجريمة، خصوصًا من شخصية سياسية لبنانية، يعرف تمامًا ماذا يعني أن تحاور وسيلة إعلام إسرائيلية، ناطقة باسم جيش الاحتلال، ومساهمة في الحرب النفسية ضد شعوبنا.
كم من الشهداء في لبنان وفلسطين ارتقوا على يد العدو، الذي تحاوره اليوم يا مروان؟
كنا نظن أن معاداة إسرائيل لا تزال خطًا أحمر لدى من تبقّى في لبنان من رجال السياسة... لكن يبدو أن المال، والضوء، والكاميرات، تفعل فعلها حتى في من ظنناهم أذكى من السقوط.
مروان حمادة، سقطت.
والتاريخ لا يرحم.