أقلام الثبات
أعلنت تركيا قطع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع "إسرائيل" احتجاجاً على ما تفعله في غزة ،فأدانت نفسها واعترفت انها خلال سنتين من الإبادة التي تقوم به "إسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني وضد حركة "حماس" وقوى المقاومة كانت تدعم "إسرائيل" بالغذاء وكل ما تحتاجه ،لإجهاض الحصار الذي فرضه "أنصار الله" في اليمن من البحر الاحمر وإغلاق ميناء "إيلات"، ولم تقطع تركيا العلاقات الدبلوماسية والتعاون العسكري مع الاحتلال "الإسرائيلي".
تحاول "تركيا - أردوغان" خداع الله سبحانه وخداع الناس بأنها سارعت لقطع العلاقات التجارية دعماً لغزة، واحتجاجاً على ما تتعرض له غزة، والسؤال: لماذا استفاقت بعد سنتين من الإبادة والقتل والتدمير ولم يبق في غزة شيء، وبعد حوالي 200 ألف شهيد وجريح فلسطيني؟
الحقيقة ان تركيا لم تقطع علاقاتها التجارية دعماً لغزة، بل احتجاجاً على الموقف "الإسرائيلي" - الأميركي ضدها في سوريا ،حيث تعيش الخيبة بعد استخدامها لإدارة الحرب في سوريا ضد "نظام الأسد" وتكليفها إدارة الجماعات التكفيرية الذين تم جمعهم من العالم لتخريب سوريا وسرقة نفطها واقتصادها واحتلال جزء من اراضيها، فاعتقد أردوغان انه سيكون حاكم سوريا عبر القائم بالأعمال أبو محمد الجولاني ونسي أن "اسرائيل" وامريكا لا تقبلان الشراكة مع أحد، حتى لو كان خادما ومنفذاً لمشاريعهما، بل يأخذ أجرته بإبقائه في الحكم في بلده وبعض الفتات من سرقات المصانع والغاز والنفط والتجارة في السوق السوري، وليس مسموحاً له الشراكة في تقرير مصير سوريا كدولة موحّدة أو فيدرالية او مقسّمة بالكامل (لا قدّر الله)، فوجد أردوغان نفسه خارج القرار، و"اسرائيل" هي المقرّر الوحيد، بتكليف ورعاية أمريكيَّين، وخلال اشهر قامت "إسرائيل" بما يلي:
- احتلت جبل الشيخ وسيطرت على الجنوب السوري بالكامل، وبدأت بإقامة "كانتون درزي"، بالتعاون مع الجولاني، الذي ارتكب المجازر ضد الدروز وحاصرهم، مما دفعهم لطلب النجدة من "إسرائيل"، بتوجيه بعض قياداتهم المرتبطة "بإسرائيل"، ووجدت تركيا نفسها خارج القرار!
- أمرت أميركا الجولاني بعدم الهجوم على الأكراد، ووضعته بين خيارين؛ إما القبول "بالحكم الذاتي" للأكراد والاستقلال عن السلطة المركزية، او تكرار النموذج العراقي؛ باستقلال الأكراد في إقليمهم، بالتلازم مع شراكتهم في السلطة المركزية، وفي كلا الأمرين فإن تركيا خسرت هدفها الرئيسي القضاءَ على التهديد الكردي، وتخاف من استنساخ التجربة الكردية في العراق لتعميمها في سوريا وتركيا وإيران.
- تخاف تركيا من إقرار "الإقليم العلوي" في الساحل السوري وتمدّده ليشمل اقليم الإسكندرون الذي ضمته تركيا، مما يقسّم سوريا "فيدرالياً" وتصبح تركيا دولة مجاورة لسوريا الفيدرالية، وللعراق الفدرالي الكردي - العربي ،ابتداءً ثم الكردي - السني - الشيعي، مما يهدّد وحدة تركيا، خصوصاً بعدما أعلن نتنياهو ضم قسم من تركيا الى مشروع "إسرائيل الكبرى".
- انقلب أبو محمد الجولاني على تركيا والإخوان المسلمين ،بعدما أعلن ،أنه ليس امتداداً للإخوان المسلمين ولا للحركات الجهادية، بل امتداد للغرب الأميركي، بربطة عنق وبدلة رسمية، بعدما عيّنته أميركا حاكماً مؤقتاً لسوريا.
يحاول "أردوغان" الاعتراض بصوت خافت، خوفاً من ان تؤدّبه أميركا وتُسقطه بانقلاب داخلي، بعدما نفّذ مهمته في سوريا، او تكليفه بمهمة ثانية في العراق وإيران والجمهوريات الإسلامية في روسيا، مقابل وعد بحفظ حقوقه في سوريا، وعند انتهاء مهمته سيتم التخلص منه بانقلاب او باغتيال، وسيخرج من "المولد السوري بلا حمص "ولا شراكة سياسية، وهذا مصير "خدم أميركا وإسرائيل"، مهما كانت ألقابهم وقوتهم.
سيتقاتل اعداؤنا وخصومنا على الطريدة ويتنازعون وتفشل ريحهم وعواصفهم، والوقت ليس لصالحهم.
فلنصبر ولا نستسلم... وسيرحلون...
