خاص الثبات
منذ إعلان الحكومة السويدية في أغسطس 2024 عن تعيين ألكسندرا ريدمارك زوجة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، سفيرةً لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي، والأسئلة تتكاثر ولا تجد لها إجابة سوى في دهاليز السياسة الغربية، المليئة بالتناقضات والمصالح المتقاطعة.
فهل يعقل أن تمثل عائلة واحدة – على مستوى أعلى المهام الدبلوماسية – اليمن الذي يتعرض منذ سنوات لحصار وعدوان شامل، وتل أبيب التي لا تكف عن عدوانها المباشر؟ كيف يمكن للأمم المتحدة أن تبرر استمرار هانس غروندبرغ مبعوثاً خاصاً إلى بلد يُقصف من كيان تمثله زوجته رسمياً؟
هل هي مصادفة أن يُبقي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على غروندبرغ في منصبه رغم هذه العلاقة الحساسة؟ أم أن الأمر جزء من تواطؤ أممي مزمن تُخفيه لغة الدبلوماسية الباردة؟
ما يثير الريبة أكثر، هو تزامن تعيين زوجة غروندبرغ سفيرة لدى تل أبيب، مع تصاعد دور إسرائيل في العدوان على اليمن، مباشرة أو عبر التنسيق مع أطراف إقليمية. هذا التوازي يدفع كثيرين للتساؤل:
هل أصبح دور غروندبرغ الأممي مجرد ستار لنقل الرسائل أو تمرير السياسات بين عواصم القرار؟
هل من الممكن أن تسهّل العلاقة العائلية – بحكم منصب الزوجة – تمرير معلومات أو التأثير في قرارات تمس السيادة اليمنية؟
المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، أصبحت اليوم تواجه أزمة ثقة غير مسبوقة، خصوصاً في الملفات المتعلقة بالدول التي تخوض صراعاً مع حلفاء الغرب وإسرائيل.
كيف يمكن لليمنيين أن يثقوا بمبعوث أممي، زوجته تمثل رسمياً كيان مسخ يعلن عداءه لليمن ويستهدفه؟ وهل يمكن اعتبار الأمم المتحدة جهة راعية نزيهة لأي حل سياسي في اليمن، في ظل هذه الازدواجية القاتلة في التمثيل والولاءات؟
شعب اليمن، الذي صمد أمام أعنف عدوان في التاريخ الحديث، ليس ساذجاً ولا غافلاً. يعرف جيداً كيف تُدار الملفات في كواليس السياسة الدولية. ولن تمر مثل هذه التناقضات دون محاسبة أو فضح. إن المعركة اليوم لم تعد فقط على الأرض، بل أيضاً في الوعي، وفي كشف زيف من يدّعي الإنسانية والحياد وهو متورط حتى النخاع في دعم المعتدي.