جورج عبد الله رغم الاعتقال لعقود .. يعلم البعض في لبنان كيف يكون الوفاء للمقاومة

الأحد 24 آب , 2025 05:12 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في مقابلة مميزة أطلّ فيها الأسير المحرر من السجون الفرنسية، المناضل جورج عبد الله، عبر شاشة "المنار" في 21 آب 2025، جدّد موقفه الثابت والصلب من جملة قضايا وطنية وسيادية، واضعًا النقاط على الحروف في لحظة سياسية دقيقة تمرّ بها البلاد والمنطقة.

رغم أربعة عقود من الاعتقال في السجون الفرنسية، لم تضعف إرادة الرجل، ولم تخفت بوصلته السياسية والفكرية، بل بدا أكثر وضوحًا وحزمًا في مقاربته لملفات تمس جوهر الكيان اللبناني واستقلاله. من بين أبرز ما أكّده عبد الله هو أن ما يُقال عن كون الولايات المتحدة وفرنسا "صديقتين للبنان" لا يترجم على أرض الواقع إلا عبر تسليح الجيش اللبناني، وليس عبر الضغط عليه أو محاولة تحجيم دوره.

شدّد عبد الله على أن المقاومة ليست في موقع المعترض على دعم الجيش، بل ستكون أول من يصفّق لأي خطوة تعزّز من قدراته، لأن المؤسسة العسكرية الوطنية تريد حماية البلاد لكنها محرومة من الإمكانيات اللازمة للقيام بدورها الكامل. هذا الكلام أتى في ظل تزايد الأصوات المطالبة بنزع سلاح المقاومة، حيث شبّه عبد الله هذه الأصوات بـ"الغربان"، وذكّر بأن هذه النغمة ليست جديدة، بل تعود إلى مراحل سابقة حين رُفع الشعار نفسه تجاه سلاح اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما مهّد لاحقًا لمجازر مروّعة راح ضحيتها آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.

بكل صراحة وجرأة، قال عبد الله إن وجود الاحتلال لا يزال يمنح الشرعية الكاملة للمقاومة، مؤكدًا أن العنف المسلح، في سياقه التاريخي، لم يكن خيارًا عشوائيًا بل ضرورة لمواجهة الاحتلال وأدواته، سواء السياسية أو العسكرية أو الثقافية.

وحين سُئل عن الدعوات التي تطالب المقاومة برمي سلاحها، كان ردّه حاسمًا: "عندما يُطلب من المقاومة أن ترمي سلاحها، فهذا يعني أن جنود العدو يقفون على أبواب دارك". رسالة واضحة المعنى، مفادها أن التخلّي عن عناصر القوة في هذه اللحظة هو بمثابة استسلام مجاني.

أما عن السلطة السياسية في لبنان، فقد عبّر عبد الله عن أسفه لاختيارها نهج المساومة والتعامل مع العدو، معتبرًا أن هذا النهج لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يفرّط بها. ومع ذلك، عبّر عن ثقته الكبيرة بقدرة المقاومة على حماية سلاحها وسحق أي يد تمتد إلى دماء شهدائها أو إلى مشروعها التحرري.

وفي ختام حديثه، أثنى عبد الله على المؤسسة العسكرية، مؤكدًا أنه لا يتصور أن قيادة الجيش يمكن أن تلعب دورًا خيانيًا، بل إن الضباط والجنود يريدون بصدق حماية لبنان، ولكن العائق هو غياب الدعم والتمويل اللازمين.

جورج عبد الله، الذي أمضى عمره في الزنازين الفرنسية دفاعًا عن فلسطين ولبنان، لا يزال حتى اليوم نموذجًا نادرًا للثبات على الموقف، وللوفاء للمقاومة. هو ليس فقط شاهدًا على زمن المقاومة، بل فاعلٌ في رسم معالمها، وملهِمٌ لأجيالها، ورسالةٌ حيّة في وجه كل من راهن على تغييب الصوت المقاوم خلف قضبان السجون.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل