الثبات-إسلاميات
التوحيد هو أعظم حقيقة في الوجود، وأول واجب على العبد، وهو النور الذي أشرق على قلوب العارفين، فطهّرها من دنس الشرك، وهو مفتاح دعوة الأنبياء، وغاية رسالاتهم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾
إنه أعظم حق لله على عباده، كما قال النبي ﷺ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً))
ولأجل كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" انقسمت البشرية إلى مؤمن وكافر، وسعيد وشقي، وهي الكلمة التي من أجلها أُريقت دماء، وخاضت أمة الإسلام أعظم المواقف
إنه الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المدبر، المستحق وحده للعبادة دون سواه، ظاهراً وباطناً، في القلب واللسان والجوارح
أثر التوحيد في حياة المسلم
1. صفاء القلب من الشرك والاضطراب:
قال تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ فالموحّد لا يعلّق قلبه بغير الله، ولا يرجو إلا فضله، ولا يخاف إلا سخطه، فيعيش في طمأنينة لا يعرفها من تشعبت قلوبهم بين المخلوقين
2. القوة والثبات أمام الشدائد:
من أيقن أن الأمر كله بيد الله، لم يجزع من الفقر، ولم يخف من سلطان جائر، لأن قلبه معلق برب قوي قادر، بل قال كما قال رسول الله ﷺ لابن عباس: ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)) وقال ﷺ: ((احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك))
3. التحرر من عبودية الهوى والبشر:
فالموحّد عبدٌ لله وحده، لا يبيع دينه لإرضاء الناس، ولا يتبع شهوته على حساب رضوان الله، قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ﴾
4. تحقيق الأمن في الدنيا والآخرة:
وعد الله أهل التوحيد بالأمن والاهتداء، فقال: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
التوحيد ليس كلمة تُقال باللسان فحسب، بل هو منهج حياة، وإيمان يملأ القلب، وعبودية تفيض في السلوك كلما ازداد العبد توحيدًا، ازداد صفاءً وقوةً وكرامةً عند الله، وارتفعت منزلته في الدنيا والآخرة