خاص الثبات
في لحظة تختصر صراع الهويات والانتماءات في لبنان، أطل شيخ درزي من عمق جبل العز والشهامة، ليوقف كلامًا اعتُبر تطاولًا على كرامات الناس ومقاومتهم، وقطع بثًّا كان النائب مارك ضو يستخدمه منبرًا للترويج لأجندات تملى عليه من الخارج، وخصوصًا من السفارة الأميركية في عوكر.
كان مارك ضو يتحدث بلغة "الدولة وحدها"، لكنه أغفل أو تجاهل عمدًا أن هذه الدولة لم تحمِ شعبها يومًا من الاحتلال، ولا من الذل الاقتصادي، ولا من المؤامرات التي حيكت في دهاليز السفارات. فحين غابت الدولة، حضرت المقاومة لترسم بالدم حدود الكرامة والسيادة.
وما إن بدأ ضو بتكرار الأسطوانة المعروفة عن "سلاح غير شرعي"، حتى دخل الشيخ، ممثلًا لتاريخ من النضال والكرامة، وقال كلمته: "الكرامة بالسلاح... وما حدا يسلّم سلاحو".
عبارة اختصرت عقودًا من الدفاع عن الأرض والعرض، وأعادت تصويب النقاش نحو حقيقة الصراع: بين من يحمل هم الوطن، ومن يعمل كصدى لسياسات الخارج.
مشروعهم واضح... وتاريخهم معروف
مارك ضو، ومن معه، لا يخفون انتماءهم السياسي والفكري لمشروع أميركي – غربي، هدفه الأول نزع سلاح المقاومة، وتفكيك أي قدرة حقيقية للبنان على حماية نفسه.
هم لا يرون في المقاومة شرفًا ولا كرامة، بل "ميليشيا"، لأنهم لم يقرأوا تاريخ 2006، ولا يسمعون إلا ما يُطلب منهم من غرف العمليات الفكرية المموّلة خارجيًا.
كيف يُمكن لمن يُجاهر بأنه ضد "كل السلاح" أن يتجاهل ترسانة العدو الإسرائيلي؟ كيف يُمكن أن يُهاجم المقاومة في الجنوب ولا ينبس ببنت شفة عن الاعتداءات اليومية على السيادة اللبنانية من قبل طائرات العدو وطوابيره الخامسة؟ من يسكت عن خرق السيادة من جهة، ويتحدث عن "نزع السلاح" من جهة واحدة فقط، لا يريد دولة، بل يريد تسليمها.
الشيخ قالها بوضوح: "ما حدا يسلّم سلاحو"
لم يكن تدخّل الشيخ مجرد انفعال عابر، بل موقفًا واعيًا من رجل يعرف جيدًا ما الذي يُراد من هذا الخطاب، ويدرك أن الهجمة على المقاومة تبدأ دائمًا من الإعلام ومن "نخب مدنية" تموّلها منظمات مرتبطة بسفارات. وما فعله كان تعبيرًا حيًّا عن أن الناس، البسطاء والشرفاء، لا ينخدعون بالشعارات البرّاقة، لأنهم خبروا الواقع على الأرض، ويدركون من الذي حماهم، ومن الذي اكتفى بالتنظير في صالونات السياسة.
الرسالة وصلت: سلاحنا كرامتنا، ومن دون كرامة، لا دولة ولا سيادة ولا وطن.