دمشق في مرمى النار: حين يُرسم مجد "أورشليم" من أنقاض العواصم العربية

الأربعاء 16 تموز , 2025 07:57 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

لا تُخفي العقيدة الصهيونية نواياها تجاه الشام، فالرؤية التي تحكم العقل الاستراتيجي في تل أبيب ليست وليدة اللحظة، بل مستندة إلى قراءات توراتية تلمودية تعتبر أن نهضة أورشليم لا تتحقق إلا على أنقاض دمشق.

ما تشهده سوريا اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري عابر، بل هو حلقة محسوبة ضمن مشروع طويل الأمد، يهدف إلى إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة بالنار والدم.

العدوان الإسرائيلي الأخير على سوريا لم يكن مفاجئاً، بل جاء في سياق متوقع من التمدد العدواني، في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، حيث تُعاد فيها الأوراق إلى الطاولة، وتُرسم فيها التحالفات الجديدة بحدّ السكاكين. واللافت أن هذا التصعيد يتقاطع مع تطورات في الجنوب السوري، وتحديداً في الجولان المحتل، الذي تحاول إسرائيل أن تجعله منصة للاحتفال على حساب الكرامة العربية.

نتنياهو، الغارق في أزماته الداخلية، يبحث دوماً عن طوق نجاة في الخارج، وها هو يجد في الأوضاع السورية، وفي اشتباكاته الكلامية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مدخلاً لتفجير الجبهات من جديد. والأخطر من ذلك، أن عيون تل أبيب لا تبتعد عن لبنان، حيث المشهد السياسي المرتبك، والوضع الاقتصادي المنهك، يوفران بيئة خصبة لمغامرة عسكرية مفاجئة.

لكن القاعدة الصهيونية الثابتة تبدو أوضح من أي وقت مضى: كلما اقتربت دولة عربية من إسرائيل تحت عنوان "السلام"، اقتربت هي منها بالحرب. هذا ما يجب أن تدركه عمّان والقاهرة جيداً، في لحظة إقليمية لم تعد فيها النوايا تُخفى، ولا الأطماع تُجمّل.

التطبيع الذي كان يُروج له كمدخل للازدهار والاستقرار، يكشف اليوم عن وجهه الحقيقي: إذلال سياسي وخسائر استراتيجية، تقابله تل أبيب بسياسة قضم مستمر للأرض والنفوذ. لم يعد الصمت العربي مجرد تواطؤ، بل تحول إلى مشاركة غير مباشرة في الخراب الذي يُرسم لدمشق وبيروت وغزة وصنعاء على حدّ سواء.

نحن أمام لحظة مفصلية، حيث يُكتب التاريخ بأحرف من نار، والخريطة تُعاد رسمها لا بالحبر بل بالبارود. والرهان اليوم لم يعد على المواقف الدولية، بل على يقظة الشعوب ووعيها بخطورة المرحلة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل