من السويداء إلى لبنان... دروس وتحذيرات من مصير مشترك _ د. نسيب حطيط

الأربعاء 16 تموز , 2025 09:48 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لابد من قراءة أحداث السويداء والمعارك بين دروز سوريا وجماعات الجولاني المختلطة، من الجيش السوري وجبهة النصرة وجماعات البادية وغيرها على مستويين: 
- المستوى المحلي؛ المتعلّق بالدروز و"إسرائيل" والسلطة الجديدة ،حيث أكّدت الوقائع أن التحالف لقتال نظام الأسد لم يشفع للدروز وسَلبهم حق الشراكة في النظام الجديد او الاعتراف بهم كمسلمين، بل تصنيفهم بأنهم كفار يجب قتلهم .
- المستوى الإقليمي؛ المتعلّق بلبنان والمنطقة والنهج "الإسرائيلي" - الأميركي بالتعامل مع "الأغيار" العرب والمسلمين، مهما كانت مذاهبهم او قومياتهم، فهم أدوات لتنفيذ المشروع "الإسرائيلي" - الاميركي، ويمكن التخلي عنهم عند انتهاء مهماتهم ووظيفتهم دون عواطف او وفاء للخدمات التي قدموها، ويمكن استخلاص بعض الدروس والعِبَر من أحداث السويداء السوداء وفق التالي: 
-  لا أمان لجبهة النصرة التي أسمت نفسها جبهة تحرير الشام وأنها كما غدرت بالعلويين والعسكريين بعد تسليم سلاحهم ،فارتكبت المجازر وأحرقت ودمّرت القرى.. فإنها تغدر بالدروز رفاق السلاح، وستغدر بغيرهم من المسيحيين والأكراد والشيعة والسنة غير المؤيدين لها من بقية المذاهب. 
- التطبيع ليس ضمانة موثوقة، ولا حزام أمان للمطبّعين، كما يروّج بعض الأغبياء العملاء والمخادعين، فالدروز أول من فتح بوابة الجدار الطيب مع "إسرائيل" (بوابة معروف) بداية الأحداث ضد النظام، والتي كانت بوابة العبور لجرحى الجماعات التكفيرية والإسناد والتدخل "الاسرائيلي" في سوريا، ومع ذلك عندما اقتضت المصلحة "الإسرائيلية" فتح ابواب السويداء أمام ميليشيات الجولاني للارتكاب المجازر لم تتأخر "اسرائيل" لحظة للمشاركة بقتل الدروز، الذين أعلنوا التطبيع معها وطلبوا حمايتها.
-  أميركا هي صاحبة القرار في سوريا ،وقد  أمرت "اسرائيل" بوقف هجماتها ضد قوات الجولاني، لإفساح المجال له؛ لتأديب الدروز المتمرّدين عليه ،مقابل التنازلات التي قدّمها والمهمات التي سيتم تكليفه بها سواء باتجاه لبنان او العراق ،بالتلازم مع تصريح المبعوث الأميركي برّاك بعدم مسؤولية أميركا عن الاختراقات "الإسرائيلية" لاتفاق وقف النار في لبنان، مع أنها  الوسيط والراعي للاتفاق  ورئيسة اللجنة المراقبة لتنفيذه ،مما يثبت مسؤولية اميركا عن استمرار الحرب على المقاومة في لبنان، وأنها المقرّر و"اسرائيل" المنفّذ، و"ضباع" لبنان العملاء هم الجوقة الإعلامية لتأمين الغطاء السياسي والطائفي والمذهبي الحاقد ضد المقاومة.
- لقد كذّبت احداث السويداء، وقبلها المجازر ضد العلويين، تصريح المبعوث الأميركي الذي قال "سوريا تُعتبر النموذج الأمثل للتغيير الجذري والأمل في الشرق الأوسط"، إلا إذا أراد نقل المجازر والفوضى لكل الشرق الأوسط.
-  ان من يسلّم سلاحه في هذه المرحلة من الفوضى والتوحش الأميركي - "الإسرائيلي"، لا يكون عاقلاً، بل يمارس الانتحار الذليل ويسلّم رأسه ليقطعه التكفيريون او يقصفه "الإسرائيليون" ويقدّم نساءه، للسبي والاغتصاب وأرزاقه، للتدمير والاحتلال وكرامته للسحق وشواربه للحلق وعمامته وقلنسوته وقبّعته للركل بالأقدام.
-  الاستهداف الأميركي - "الإسرائيلي" لا ينحصر بالشيعة او العلويين او الدروز  ولا يفرّق بين من قاتل معها او قاتل ضدها وسَتُسقط الأنظمة واحداً بعد الآخر وترتكب المجازر بالمذاهب والطوائف واحدة بعد الأخرى وتنزع سلاح المقاومة حركة بعد أخرى وحتى الجماعات التكفيرية وقادتها ،ستتخلص منهم بعد تنفيذ مهامهم ، كما تم تصفية الأفغان العرب في افغانستان وكما تم تصفية "بن لادن" و "أبو بكر البغدادي" وبقية القادة التكفيريين وكما سيكون  مصير الجولاني ، بعد تنفيذ المهمة الموكلة إليه، لأن الهدف الأساس، ليس حفظ الجماعات والدول والأشخاص، بل تنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى والشرق الأوسط الأمريكي الجديد.
- قصفت "إسرائيل" قوات الجولاني عندما اقتضت مصلحتها ذلك، مع ان الجولاني أعلن موافقته على التطبيع وعدم العداء لإسرائيل ،وصمت عن احتلالها للجنوب السوري! 
هل يستيقظ بعض اللبنانيين من العملاء او الأغبياء او الخائفين او الذين يقدمون أوراق اعتمادهم ،لقبولهم في سفينة المشروع الإسرائيلي الجديد وهم الذين اعتادوا على ركوب السفن الوطنية والعروبية او المقاومة عندما كانت منتصرة وتّمسك بزمام الامور !
كلكم أدوات ووقود لحروب أميركا و"مطايا" لمشاريعها ولن تذرف أميركا دموعها عليكم عندما تقتلون بعضكم او يَقتلكم خصومكم ولن ترسل طائراتها لإنقاذكم ، وستتخلّى عنكم ،كما تخلّت عن عملائها في فيتنام او كما ترك البريطانيون عملائهم من المترجمين في العراق وكما تركت إسرائيل جيش "لحد" على بوابة "فاطمة"!
لا زال الوقت متاحاً، لنتوحّد ونحمي بعضنا ونحمي لبنان مع استعداد أهل المقاومة ليكون سلاحهم ،لحماية لبنان واللبنانيين وان ينضم بقية اللبنانيين "لوحدات الدفاع الشعبي" عن لبنان وشعبه بالتنسيق مع الجيش والقوى الأمنية ولا ضير في تباين وجهات النظر، لكن حذار من أن تكونوا "الدروز المطبّعين" او "جيش لحد" أو "قوات" مجازر صيرا وشاتيلا!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل