الثبات-إسلاميات
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما هلك الذين من قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)) رواه البخاري ومسلم
قال الإمام النووي: "هذا الحديث أصل عظيم من أصول الدين، ويجمع فوائد كثيرة من أصول الفقه وأدلته، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم."
● قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه)) هذا أمر بالكفّ المطلق عن جميع المنهيات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة
النهي يقتضي التحريم، والواجب على المسلم اجتنابه تمامًا، لأن الأصل في النهي أنه للتنزيه أو التحريم، وهنا جاء مطلقًا في السياق، فيُفهم منه التحريم
● ((وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) الأمر يختلف عن النهي؛ فالنهي يجب اجتنابه كليًا، أما الأمر فيُراعى فيه الاستطاعة في كيفية أدائه إذا كان هناك عذر ولكن لا يسقط الفرض
فالعبادات والطاعات التي أُمرنا بها، إن عجزنا عن بعضها أو لم نستطع القيام بها كاملة، فإننا مأجورون على ما استطعنا، ولا إثم في التقصير إذا كان لعذر
مثال: من لم يستطع القيام في الصلاة، يصلي جالسًا أو على جنب ومن لم يجد الماء، يتيمم ويصلي
● ((فإنما هلك الذين من قبلكم بكثرة مسائلهم)) يشير إلى سبب هلاك بني إسرائيل وغيرهم من الأمم السابقة، وهو كثرة سؤالهم لأنبيائهم، لا طلبًا للعلم النافع، بل تعنتًا وتكلفًا
مثال: قصة البقرة في سورة البقرة، عندما أُمروا بذبح بقرة، فأكثروا الأسئلة حتى شدد الله عليهم
● ((واختلافهم على أنبيائهم)) أي مخالفتهم لأنبيائهم، وعدم الالتزام بما أُمروا به، والتشكيك في أوامر الله ونواهيه، وهذا الاختلاف قاد إلى الضلال والفرقة والخذلان
✦ الفوائد والدروس:
1. وجوب اجتناب المحرمات مطلقًا، فهي أولى بالترْك وأشد خطرًا
2. الأوامر الشرعية مرتبطة بالاستطاعة، وهذا من رحمة الإسلام وتيسيره
3. النهي عن التكلف وكثرة السؤال بغير حاجة، خصوصًا في الأمور التعبدية
4. التحذير من مخالفة هدي النبي ﷺ، لأن فيها هلاك الأمم
5. الإسلام دين واقعي، يراعي طاقات الناس وظروفهم
6. الدعوة إلى اتباع الوحي بدون جدال أو معارضة