أقلام الثبات
قد لا يكون واقعيًا التهويل الذي تمارسه بعض الجهات الإقليمية والداخلية على اللبنانيين، عبر وسائل الإعلام، من خلال نشر "أخبارٍ" و"تحليلاتٍ سياسيةٍ" تتحدث عن إمكان "إعادة تلزيم الملف اللبناني لسورية أبي الجولاني"، أي "وضع لبنان تحت الوصاية السورية مجددًا". ولكن في الوقت عينه، قد يرمز إلى سياساتٍ استراتيجيةٍ كبيرةٍ مقبلة في المنطقة، وإن لم يكن هذا التهويل واقعًا حقيقيًا. وهنا لا يستبعد مرجع سياسي ودبلوماسي عربي مخضرم أن "تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى إعادة لبنان تحت الوصاية السورية، بعدما تحولت الدولة في سورية إلى سلطةٍ وظيفيةٍ ضعيفةٍ خاضعةٍ بالكاملٍ للإدارة الأميركية"، ويوضح أن "هذا لا يعني إنهاء الدولة في لبنان، بل العودة إلى سلطة الأمر الواقع في دمشق، بالقضايا الإستراتيجية الكبرى، بالتالي إشراف سلطة الجولاني على السياسة الخارجية اللبنانية"، على أن تكون ملائمة لخطة السلام الأميركي في الشرق الأوسط"، برأي المرجع. أي العودة إلى "معزوفة وحدة المسار والمصير" مجددًا.
وفي الصدد، يلفت مرجع سياسي سوري إلى أن "مخطط وضع لبنان تحت سلطة الوصاية السورية، ليس بمستجدٍ، بل هذا المخطط يعود إلى خمسينيات القرن الفائت، أي منذ إطلاق مشروع أيزنهاور، أو مبدأ أيزنهاور، وهو مصطلح يشير إلى خطبة ألقاها الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في 5 كانون الثاني 1957 أمام الكونغرس، تتضمن تعهدًا بتقديم المساعدة الاقتصادية والعسكرية للدول في الشرق الأوسط، التي تواجه خطر الغزو الشيوعي أو التدخل من أي دولة أجنبية تسيطر عليها الشيوعية".
ويشير المرجع إلى أن "محاولة الانقلاب التي قام بها منير العجلاني مع بعض الضباط في 24 كانون الأول 1952، جاءت في هذا الإطار، أي (الدخول في مشروع أيزنهاور)، وفي إطار سعى العجلاني لوحدة سورية والعراق، لكن تم اكتشاف المحاولة من رجل المخابرات السورية الشهير عبد الحميد السراج، المؤيد للزعيم العربي جمال عبد الناصر، واعتقل على إثرها العجلاني مع مؤيديه في الجيش. بالتالي لم ينجح المحور العربي بالاستلاء على الحكم في دمشق عمليًا، إلا بعد سقوط الدولة السورية في الثامن كانون الأول 2024. لذا قد يكون لدى واشنطن رغبة في إعادة إحياء مشروعها المذكور آنفًا، بالتالي إعادة الوصاية السورية على لبنان. وهنا، لا بد من التذكير بأن بلد "وطن الأرز" وضع تحت الوصاية السورية بالكامل منذ أواخر العام 1990 إلى 2005، بمباركة غربيةٍ - عربيةٍ، بعد اتخاذ الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، قرارًا بدخول الجيش السوري، معركة تحرير الكويت، من قوات الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، في بداية العام 1991. وعن التقرير الذي أعده الإعلام الصهيوني عن "إمكان ضم طرابلس وأجزاء من عكار والبقاع إلى سلطة الجولاني"، يعتبر باحث استراتيجي أن "سلطة الأمر الواقع الراهنة في دمشق، تحتاج إلى مناطق مواجهة للبحر، كي يكون لها منفذ على البحر، للاستيراد والتهريب، كما يحلو لهذه السلطة"، خصوصاً أن منطقة الساحل السوري، لا تشكّل بيئةً حاضنةً لجماعة الجولاني، أضف إلى ذلك استمرار الوجود العسكري الروسي فيها". ويلفت إلى أن "جبهة النصرة الحاكمة في دمشق اليوم، حاولت في بداية الحرب على سورية السيطرة على منطقة القصير الاستراتيجية الواقعة في ريف حمص الغربي، القريب من لبنان، لأن السيطرة على القصيّر، يفتح "للنصرة" وأخواتها، التقدم نحو المناطق الحدودية اللبنانية المتاخمة لريف حمص، ومنها إلى الساحل العكاري والطرابلسي، غير أن الجيش السوري والمقاومة اللبنانية، أحبطا هذا المخطط، الذي كاد أن يؤدي إلى تقسيم لبنان، بعدما نجحا في تطهير القصيّر من رجس الإرهاب، بالتالي أسقطا أي محاولةٍ لتقسيم لبنان، وذلك كان في العشر الأخير من شهر أيار 2013. وتعقيبًا على كل ما ورد آنفًا، بخاصةٍ لجهة التهديد التكفيري للبنان عبر سورية، تكتفي مصادر سياسية لبنانية بالقول: "عندما يؤدي الجولاني الصلاة خارج قصره، نناقش عندها هذه التهديدات".
عندما يؤدي الجولاني الصلاة خارج قصره نبحث في "التهديدات" _ حسان الحسن
السبت 05 تموز , 2025 02:53 توقيت بيروت
أقلام الثبات

