تلفزيونات رجال الأعمال: بين التهويل والخضوع للأجندات الأجنبية

الأربعاء 30 تموز , 2025 12:22 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في خضم الأزمات السياسية والعسكرية التي تعصف بالمنطقة، تتصدر شاشات الإعلام ما يُعرف بـ"تلفزيونات رجال الأعمال"، لتبث خطابًا مكرورًا من التهويل، وتضع الجمهور أمام خيارين لا ثالث لهما: الحرب أو الاستسلام. هذا الخطاب الذي يبدو ظاهريًا تحليليًا وواقعيًا، يخفي في عمقه انحيازًا سافرًا لأجندات لا علاقة لها بالوطن ولا بمصالح الناس، بل تتماهى – بوعي أو بغيره – مع مصالح الخارج، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

ليس جديدًا القول إن الإعلام لم يعد سلطة رابعة بقدر ما أصبح أداة توجيه واصطفاف. لكن الخطورة تكمن حين يفقد هذا الإعلام حسه الوطني بالكامل، ويتحول إلى مجرد "صندوق بريد" يُعيد تدوير الرسائل القادمة من مراكز القرار في واشنطن أو غيرها. فبدل أن يقوم بدوره في توعية الناس، وتحليل الوقائع من منطلق وطني واستقلالي، يسوّق لفكرة الهزيمة مسبقًا، ويزرع في النفوس الخوف واليأس والتسليم بأن لا خيار سوى الركوع أمام إرادة الخارج.

هذا النوع من الإعلام يتعامل مع الجمهور بوصفه قاصرًا، لا قدرة له على فهم الواقع إلا من خلال مرآته المشوهة. يقدم نفسه كـ"خبير استراتيجي" أو "محلل واقعي"، بينما يمارس دور المروّج لتطبيع الهزيمة، وغالبًا ما يُغيّب وجهة النظر المقاومة أو يختصرها في صور نمطية لتبدو غير عقلانية.

السؤال الجوهري هنا: متى يشعر هذا الإعلام بوطنيته؟ متى يتحدث عن المصلحة الوطنية من منطلق وطني حقيقي؟ لماذا لا يرى في الصمود خيارًا قابلًا للنقاش؟ لماذا تُشيطن المقاومة بينما يُلمّع منطق "العقلانية" الذي لا يعني سوى التنازل؟ الأدهى من ذلك أن هذا الإعلام لا يتوانى عن توجيه الاتهام لمن يخالفه بالرعونة أو "عدم الفهم"، وكأن الوطنية أصبحت تهمة، والمهادنة حكمة.

المطلوب اليوم ليس إعلامًا يدغدغ المشاعر أو يبيع الشعارات، بل إعلام حرّ، مستقل، نزيه، يملك شجاعة الموقف وعمق التحليل، ويستند إلى إرادة الناس الحقيقية لا إلى أجندات رجال الأعمال ولا مصالح السفارات. إعلام يرى في الوطن ما هو أكثر من خريطة... يراه كقضية، كتاريخ، وكمستقبل لا يُصاغ إلا بكرامة شعبه، لا بإملاءات الغرب ولا بإعلانات الممولين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل