أقلام الثبات
أعلن العدو "الإسرائيلي" أمس تقريراً وقحاً، يتضمّن إحصائية عن الخروقات التي قام بها منذ وقف إطلاق النار متباهياً، "بانه لم يشهد منذ عقود وضعاً أمنياً جيداً كالذي نشهده اليوم في المنطقة الحدودية مع لبنان"، معترفاً بالتزام المقاومة بوقف النار، ومؤكداً إخلاء المقاومة لمنطقة جنوب الليطاني وبتفجيره للأنفاق ومعسكرات التدريب والمواقع والمخازن، وانه أنجز "المنطقة العازلة" الخالية من السلاح والمسلحين ، بالتعاون مع القوات الدولية والجيش اللبناني - المغلوب على أمره - وبرعاية أميركية، والأهم في إعلانه انه دمّر أغلب المخزون الصاروخي، ولم يبق مع المقاومة إلا الصواريخ "قصيرة المدى" شمالي الليطاني، والتي لا تهدّد "إسرائيل".
الإعلان "الإسرائيلي" يهدف الى توجيه رسائل للداخل "الإسرائيلي"، والى الخارج، خصوصاً الى لبنان؛ وفق التالي:
- سعي رئيس الوزراء "الإسرائيلي" نتنياهو إظهار إنجازاته "الفريدة" والتاريخية على جبهة الشمال، حيث حقّق بالنار ما عجزت عنه أي حكومة او رئيس وزراء "إسرائيلي"، بإنجاز منطقة أمنية عازلة، والتخلّص من التهديدات الأمنية التي كانت سائدة منذ سبعينيات القرن الماضي.
- طمأنة المستوطنين في الشمال، لدفعهم للعودة الى بيوتهم وإعادة تنشيط الحركة الاقتصادية والزراعية، من خلال نفي أي تهديد تشكّله المقاومة ،سواء بوجودها المباشر أو عبر صواريخها .
- إعلان نتنياهو تحقيق أحد أهداف الحرب على لبنان لإعادة المستوطنين المهجّرين قبل فك الحصار أو انهاء الحرب على غزة، كما طالبت المقاومة اللبنانية في حرب الإسناد.
- استحداث منظومة جديدة من الاحتلال، يمكن تسميتها "الاحتلال الجوي"، دون الحاجة لاحتلال بري "مُكلِف" والذي يمكن استنساخها في غزة وسوريا ،بسبب قلة العديد البشري للجيش وتوسّع جغرافيا الاحتلال.
أما الرسالة للداخل اللبناني، فتهدف ،لإشعال الفتنة من خلال الإجابة الخبيثة والذكية على المبعوث الأمريكي" برّاك " الذي صرّح ،بأن امريكا و"اسرائيل" تريدان تسليم او نزع السلاح الثقيل الذي يهدّد "إسرائيل"، أما السلاح الباقي فهو جزء من الثقافة الشعبية اللبنانية ، ما سيحرج الحكومة اللبنانية وبعض الأحزاب والشخصيات السياسية التي تدعو الى نزع السلاح ودعوتها لمجلس الوزراء لإقرار "حصرية" السلاح بيد الدولة مع ان "إسرائيل" تقول انها دمّرت كل السلاح الذي يهدّدها، مما سيظهر موضوع السلاح بأنه خلاف لبناني - لبناني، يمكن من خلاله إشعال الفتنة الداخلية، كما فعلت "إسرائيل" عام 75 في الحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت ضد المقاومة الفلسطينية وسلاحها، وتعود "إسرائيل" لاستخدام نفس القوى المسيحية اللبنانية ضد المقاومة اللبنانية، مع إضافة بعض القوى السياسية التي تحاول حماية نفسها، مقابل مشاركتها بقطع رأس المقاومة.
يعيش أهل المقاومة مع لبنانيين، يمكن وصفهم بأنهم "إسرائيليون أكثر من الإسرائيلي"، حيث تصرّح إسرائيل بتدميرها للسلاح الذي يهدّدها ومع ذلك يطالب "إسرائيليو الداخل" بنزع سلاح المقاومة، ولا يدينون ما اعترفت به "إسرائيل".
أي قرار في مجلس الوزراء "ينحصر" بتسليم السلاح ونزعه هو قرار "إسرائيلي" يصدر عن حكومة مُستَنسخةٍ عن حكومة "فيشي"، ولابد من أن يسبق هذا البند مطالبة العدو "الإسرائيلي" بالانسحاب والالتزام بوقف الاغتيالات والقصف والتعهد بعدم خرق القرارات الدولية والسيادة اللبنانية وبعد تنفيذ هذه البنود يكون موضوع السلاح أمراً داخلياً لبنانياً لا علاقة "لإسرائيل" أو أمريكا وأي دولة الحق بالتدخل فيه.
إننا نتفهم صبر المقاومة وعدم الرد "مؤقتاً" على الاعتداءات "الإسرائيلية" وهو قرار حكيم وشجاع ويجب ان يستمر حتى اللحظة المناسبة، لكننا لا نتفهّم ولا نقبل صمتها عن الفجور السياسي الرسمي والحزبي في لبنان ضد المقاومة وأهلها من إذلال المسافرين او الوقاحة بطرح حصرية السلاح "لتفجيره".
لابد لقوى المقاومة ان تبدأ "الهجوم الدفاعي" عبر المقاومة المدنية السلمية؛ بالمظاهرات والإضرابات والتحرك الشعبي ،استنكاراً لما تتعرّض له المقاومة من حصار رسمي داخلي.
فلتبادر قوى المقاومة للتحرك السلمي ولتعلن "النفير المدني"، من الطلاب خصوصاً، للبدء بالمقاومة المدنية، حماية للمقاومة العسكرية ولحقوق أهلها، مع التحذير بأنها إذا بقيت على صمتها وتقصيرها غير المبرّرَين، واللذين يساهمان في حصار المقاومين وأهلهم أكثر، فإنها ستفتح الطريق أمام الناس، خصوصاً أهل القرى الحدودية المدمّرة، التي ستنفجر غضباً وخيبة ودفاعاً عن نفسها، والتي مضى على تهجيرها ما يقارب السنتين، وقد لا تعود كما لم يعد اللاجئون الفلسطينيون، وللتذكير فإن المقاومة ضد الاحتلال عام 1982 لم تبدأ بقرار مركزي وانتفاضة شباط 1984 لم تبدأ بقرار مركزي، وقد تبدأ الانتفاضة الشعبية ضد الحصار الحكومي بدون قرار مركزي، وقد لا يكون ذلك بعيداً... فبادروا قبل فوات الأوان.
"إسرائيل": دمّرنا السلاح الذي يهدّدنا من لبنان _ د. نسيب حطيط
الأربعاء 30 تموز , 2025 12:37 توقيت بيروت
أقلام الثبات

