الثبات-إسلاميات
ما إن يهمي النداء من مآذن الأرض، حتى تستفيق الأرواح من سباتها، وتنهض القلوب إلى معارج النور، كأنها خُلقت لتلبي
تلك هي الصلاة… ليست مجرد ركعات وأذكار، بل مقام من مقامات العروج إلى الله، ووقوف بين يديه في حضرة العظمة والجمال
الصلاة ليست حركةَ جسدٍ، بل سجود قلب، ودمعة شوق، وهمسة محبة، وسَكينة تسري في العروق فيها يهمس العبد: {إياك نعبد} ويشكو: {هدنا الصراط المستقيم}، فتمتزج العبودية بالمحبة، ويمتزج الخوف بالرجاء، فتنبت في القلب جنة
قال تعالى: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِي} فالصلاة ذكر، والصلاة لقاء، والصلاة حياة قال تعالى: {إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ}
وكانت الصلاة آخر وصايا الحبيب ﷺ، حين قال في سكرات الموت: ((الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانك)) رواه أبو داود
وقال ﷺ أيضًا: ((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)) رواه الترمذي
فهي عمود الدين، إن سقط، سقط البناء كله
في زحمة الحياة وضوضائها، تبقى الصلاة مرفأ الأرواح المتعبة، ومحطة تزود للقلوب المنهكة خمس محطات في اليوم والليلة، تهطل فيها رحمات السماء، وتتجدد فيها عهود العبودية
ويا لها من لحظة، حين يخرّ العبد ساجدًا! كأن الأرض تحت جبينه تهمس: "هنيئًا لك هذا القرب، فلست وحدك، بل أنت في حضرة من لا يغفل ولا ينام."
فيا أيها الناسي عن صلاته، عُد إليها، ففيها صفاء قلبك وسكينة روحك، وهي عهدك مع ربك، فإن ضيّعتها، فبأي زاد تلقاه؟!