خاص الثبات
منذ متى كان الورثة السياسيون لأمراء الحرب والمشاريع الانعزالية أقرب إلى جمهور المقاومة؟ سامي الجميل، نجل النظام الطائفي المدلل، يخرج علينا بتصريح يثير الاستغراب والاشمئزاز في آن، مدّعياً أنه "أقرب إلى جمهور حزب الله من قيادة الحزب نفسها". هذه المقولة لا تعدو كونها استثماراً رخيصاً في الألم الشعبي، ومحاولة وقحة لتمويه عدائه التاريخي للمقاومة، وتزوير موقعه الطبيعي في الصراع اللبناني والإقليمي.
أين كان "قربك" وقت العدوان؟
جمهور المقاومة – الذي يدعي الجميل قربه منه – لم يرك يوماً في الضاحية بعد حرب تموز، لا في خنادق الدفاع، ولا في ورشات الإعمار، ولا حتى في زيارة تضامن رمزية. هذا الجمهور يتذكر جيداً من وقف في وجه العدوان ومن هلّل له أو لاذ بالصمت المتواطئ. فهل نسي سامي الجميل تصريحات قيادات حزبه التي قالت: "مغامرات حزب الله غير المحسوبة"، في عزّ قصف الأطفال في قانا وصور؟ أم نسي موقع حزبه في 14 آذار يوم كانت الطائرات الإسرائيلية تفتك بالمدنيين؟ هل كانت حينها مشاعره "قريبة" من الجمهور الذي قُصفت بيوته فوق رؤوسه؟
القرب لا يُقاس بالشعارات.. بل بالمواقف
إذا كان سامي الجميل صادقاً في "قربه"، فليرفع دعوى واحدة ضد العدو الإسرائيلي على جرائمه في لبنان، وهو المحامي المتخرّج من أرقى الجامعات، وصاحب المواقف "المبدئية". فالجمهور الذي يدّعي تمثيله لا يريد منه سلاحاً ولا موقفاً استراتيجياً، بل يريد منه شيئاً بسيطاً: أن يثبت موقفه القانوني والوطني، لا أن يرقص على الجثث ويزايد على أصحاب الدم.
لكن لا، سامي الجميل لا يرفع دعاوى على إسرائيل، بل ينشغل في التهجم على سلاح المقاومة، والدعوة إلى "الحياد" و"سيادة الدولة" – تلك السيادة التي يُفصّلها على مقاس السفارات، لا على مقاس الدم المسفوك ظلماً وعدواناً.
الجمهور ليس غبياً.. ولا ينسى
تصريحات سامي الجميل لا تنطلي على جمهور المقاومة، ولا على أي لبناني شريف. فذاكرة هذا الجمهور ليست قصيرة، وهو لا ينسى من طعن ظهره في زمن الحرب، ولا من حاول شيطنة مقاومته تحت غطاء الشعارات السيادية الزائفة.
إن محاولات التذاكي السياسي، واللعب على التناقضات الاجتماعية، لن تمحو حقيقة أن سامي الجميل، بكل ما يمثل من إرث سياسي، يقف في الصف المقابل للمقاومة وقضية التحرر الوطني. وإن ادعاء القرب من جمهورها، لا يزيده إلا سقوطاً أخلاقياً وسياسياً، لأنه ببساطة يقف في الخندق الآخر: خندق من انتظروا سقوط الضاحية، وليسوا من نزلوا إلى شوارعها.