ترامب والدولة العميقة.. هل يلقى مصير كينيدي؟ ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 26 أيار , 2025 11:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الثانية في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، أطلق حملة تطهير واسعة داخل المؤسسات الفيدرالية، ومنها مجلس الأمن القومي الذي ذكر موقع "أكسيوس" أن وزير الخارجية ماركو روبيو يقوم بتنفيذ عملية هيكلة جذرية لمجلس الأمن القومي الأميركي تشمل تقليص عدد موظفيه إلى النصف تقريباً، ونقل كثير من صلاحياته إلى وزارتي الخارجية والدفاع.

ونقل الموقع عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إن هذه الخطوة ستحقق تقليصاً للبيروقراطية "المعرقِلة"، وتصفية ما يعتبرونه "الدولة العميقة" التي تضم مسؤولين من أصحاب المناصب الدائمة، الذين لا يشاركون الرئيس رؤيته.

وفي وقت سابق، كان ترامب قد أعلن عن خطط لتفكيك وزارة التعليم، وأصدر أوامر تنفيذية للتحقيق في "سوء السلوك" داخل وزارة العدل ووكالات الاستخبارات، وأقال عدداً من المدعين العامين، وعلّق التصاريح الأمنية لمسؤولين سابقين الخ...

هذه الخطوات التي يقوم بها ترامب تعيد بالذكرى الى الرئيس جون كينيدي، الذي اغتيل عام 1963، والذي كان أيضاً يسعى لإصلاحات جذرية في السياسة الأميركية، ما جعله في صدام مع مؤسسات الدولة العميقة.

-  كينيدي والدولة العميقة:
بعد فشل عملية "خليج الخنازير (1961) التي خططت لها CIA للإطاحة بفيدال كاسترو في كوبا، غضب كينيدي بشدة، بعدما شعر أن الوكالة خدعته وقدمت له صورة مضللة عن فرص النجاح، فأقال مدير الوكالة ألين دالاس، وهو أحد أقوى رجال الظل في واشنطن، بالإضافة إلى كبار مساعديه. وحذّر كينيدي في أحاديثه من النفوذ المتزايد لمجمع الصناعات العسكرية وشركات السلاح.

 وكما ترامب وسعيه لتهدئة الحروب والانسحاب من حرب أوكرانيا، سعى كينيدي للتهدئة مع الاتحاد السوفياتي مقاوماً ضغوط جنرالات الحرب الباردة، ودعا الى انسحاب تدريجي من فيتنام معتبراً أن الحرب ليست في صالح الولايات المتحدة.

وبعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، فتح كينيدي قناة اتصال سرية مع الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف، ودعم معاهدة حظر التجارب النووية عام 1963، خلافًا لرغبة "الصقور" داخل الدولة. كذلك وقّع الأمر التنفيذي 11110 في حزيران عام 1963، ما فسّره البعض كخطوة نحو تقليص نفوذ الاحتياطي الفيدرالي عبر إصدار الدولار المدعوم بالفضة من وزارة الخزانة مباشرة.

 بدأت بعض الصحف والمراكز المتأثرة بالمؤسسة الأمنية التشكيك في حكمته، خصوصاً بعد أزمة الصواريخ وخطواته تجاه الاتحاد السوفييتي. وأخيراً، حصلت عملية اغتيال كينيدي، وتمّ قتل الجاني "لي هارفي أوزوالد" بعد يومين فقط.

 وكشفت الوثائق التي أزال ترامب عنها السرية مؤخراً أن الـCIA  أخفت معلومات، وكانت على علم بنيّة الجاني قتل كينيدي قبل أسابيع ولم تتصرف، ومنعت العميل السرّي الذي كشف محاولة الاغتيال من الادلاء بشهادته، عبر تلفيق تهم رشوة ضده لمنعه من الشهادة أمام اللجنة. كذلك تكشف أنه حصل تلاعب بالأدلة، وأن عدة جهات داخلية (مخابرات، مافيا، مصالح مالية) قد تكون استفادت من موته.

في المحصلة، تُظهر تحركات ترامب منذ كانون الثاني 2025 تصعيدًا في صراعه مع الدولة العميقة، من خلال سياسات تطهير داخلية، وإعادة هيكلة مؤسساتية، ومواقف خارجية غير مرغوبة من أجزاء من تلك الدولة، ولعل أفضل ما يحمي ترامب في هذه المرحلة هو أن نائبه جي دي فانس له نفس الأفكار لكنه أكثر شراسة وأكثر محافظة منه، ما يعني أن إزاحة ترامب قد لا تكون بالأمر المفيد حالياً ولو كان مرغوباً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل